للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما يتعلق بهذا أنهم لو تحصنوا ببلدة مسوّرة (١) وكان لا يتأتى الاستيلاء عليها إلا بالأسباب التي ذكرناها، فنقول: إن كان في البلدة رعايا والأسباب التي [ذكرناها] (٢) تأتي عليهم، فلا نستحل إقامةَ الأسباب المصطلمة.

وإن لم يكن في البلدة إلا المقاتلة، فإن تمكن الإمام من هدم السور، فليفعل، وإن (٣) كان لا يتأتى ذلك -وهم يدافعون على السور- إلا بأن يقتلوا بأسباب [تنافي] (٤) المعنى الذي ذكرناه من الإبقاء، فالذي أراه أنه لا يجوز قتلهم بهذه الأسباب العظيمة، كالإحراق ونصب المنجنيق، وفتح السيول الجارفة؛ فإن الإمام إنما ينظر للمسلمين فيما يفعل، وتركُ بلدة في أيدي طائفة من المسلمين -وقد يستمكن من حيل في محاصرتهم، والتضييق عليهم- أقربُ إلى الإصلاح العام من اصطلام أمم.

فإن قيل: كان عليّ رضي الله عنه يقاتل البغاة مقاتلة من يصطلم، فلا يُبقي، وقيل: إنه قتل ليلة الهرير بنفسه ألفاً وخمسمائة. قلنا: كان البغاة على حد من الجد في القتال لو لم [يقابلوا] (٥) بما كان يفعله علي رضي الله عنه لاصطُلم وأتباعه، ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه: ومعاوية جاد في القتال منتصفاً أو مستعلياً.

١١٠١٨ - ثم ذكر الشافعي رضي الله عنه تنفيذ أقضيتهم، وقد قدمنا هذا، والقولُ الجامع فيه أن ما وافق من قضائهم إجماعاً، أو مذهباً مجتهداً فيه مظنوناً، فهو منفّذ غيرُ مردود.

والذي نزيده تفصيلُ القول في كتب قُضاتهم، والذي يعتمد في ذلك أنهم إذا أبرموا قضاء، وكتبوا إلى قاضينا باستيفاء ما ثبت عندهم، فإنا نقبل الكتاب، ونعمل بموجَبه على وفق الشرع.

وإن سمع قاضيهم بينةً وكتب إلينا يلتمس تنفيذ الحكم بها، ففي قبول كتابهم على


(١) ت ٤: " مشهورة ".
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) ت ٤: " فإن ".
(٤) في الأصل: " ما في ".
(٥) في الأصل: " يقابله ".