للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد نجز الكلام فيمن تثبت الردة بقوله (١).

١١٠٢٤ - ولا حاجة إلى تفصيل القول فيما يكون ردة من الأقوال، وإنما يغمض الكلام في تكفير المتأولين من أهل البدع، وليس ذلك من فن الفقه.

ونحن نقول بعد هذا: الأفعال إذا دلت على الكفر، كانت كالأقوال، وذلك إذا رأينا من كنا نعرفه مسلماً في بيت الأصنام وهو يتواضع لها تواضع العبادة، فهذه عبادة (٢) كفر. وقد يُجري الأصوليون الأفعالَ المتضمنة استهانةً عظيمة مجرى عبادة الأصنام، كطرح المصحف في الأماكن القذرة، وما في معناه. والقول في ذلك يطول، وهو من صناعة الأصول.

وفي بعض التعاليق عن الأمام شيخي: أن الفعل المجرد لا يكون كفراً، وهذا زلل من المعلِّق، أوردته للتنبيه على الغلط فيه (٣).

١١٠٢٥ - وسبيلنا بعد ذلك أن نتكلم في التوبة على (٤) الردة، فنقول: أولاً التوبة مقبولة عن كل كفرٍ، وتقبل توبة الزنديق، ومن كان يُظهر مذهب الباطنية، وإن كان يبوح بوجوب التقيّة، وما يظهره من التوبة يمكن تنزيله على قاعدة التقية، ولكن


(١) ت ٤: " بوجهه ".
(٢) ت ٤: فهذا كفر.
(٣) ذكر الإمام هذه القضية في كتابه (البرهان في أصول الفقه) حينما أورد ما حُكي عن أبي هاشم الجبائي من " أنه كان لا يرى السجود للصنم محرّماً، وإنما المحرم القصد " وأنكر نسبة هذا إليه، وأنه لم يجده في مصنفاته مع طول بحثه عنه، ثم قال: والذي ذكره من نقل مذهبه: أن السجود لا تختلف صفته، وإنما المحظور المحرم القصد، وهذا يوجب ألا يقع السجود طاعة، من جهة تصور وقوعه مقصوداً على وجه التقرب إلى الصنم. ومساق ذلك يخرج الأفعال الظاهرة قاطبة عن كونها قُرَباً، وهذا خروج عن دين الأمة، ثم لا يمتنع أن يكون الفعل مأموراً به مع قصدٍ منهياً عنه مع نقيضه. (ر. البرهان: ١/فقرة: ٢١٣).
(٤) كذا في النسختين: (على). وهو صحيح، إذ تأتي على بمعنى (عن) قاله ابن هشام في المغني، واستشهد له بقول الشاعر:
في ليلة لا نرى بها أحداً ... يحكي علينا إلا كواكبُها
أي لا يحكي عنا إلا كواكبها. (ر. مغني اللبيب: ١٩١).