للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: " ويوقف مالُه إذا ارتد وله مال ... إلى آخره " (١).

١١٠٢٨ - اختلف قول الشافعي في أن من ارتد هل يزول ملكه بنفس الردة، أم كيف السبيل فيه؟ وحاصل ما تلقاه الأئمة من كلام الشافعي ثلائة أقوال: أحدها - أن الملك يزول بنفس الردة، كما يزول استحقاق النكاح قبل الدخول. والقول الثاني - أنه لا يزول ملكه إلى أن يموت، أو يقتلَ مرتداً، وليس ملك اليمين كالنكاح، فإن إدامة نكاح المرتد على المسلمة يتضمن غضاً من الحرمات، وإن فرضنا ارتداد الزوجين فالمرتدة في المعنى كالمسلمة في هذا المأخذ. والقول الثالث - أن الملك موقوف، فإن عاد إلى الإسلام، تبثنّا أنه لم يزل بالردة، وإن قتل مرتداً أو مات على الردة، تبيّنّا أن الملك زال بنفس الردة، والردة في العمر في ملك اليمين كمدة العدة إذا فرض طريان الردة بعد تقيد النكاح بالمسيس (٢).

١١٠٢٩ - فإذا ثبتت الأقوال، فالتفريع عليها: فإن حكمنا بأن الملك يزول بالردة فالتصرفات التي تستدعي ملكاً مردودة من المرتد، ولو كان التزم دَيْناً قبل الردة بجهة من الجهات، فديونه الثابتة قبل الردة مؤداة من الأموال التي ارتد عليها، وهذا متفق عليه بين الأصحاب؛ فإن الردة وإن أزالت الملك، فحقها أن تكون كالموت؛ إذ الموت مزيل للملك، ثم الديون الثابتة في حالة الحياة تتعلق بما يخلّفه الميت، وهي متقدمة على حقوق الورثة، فلتقدم على حقوق أهل الفيء (٣)، بل هذه الديون أولى


(١) ر. المختصر: ٥/ ١٦٥.
(٢) المعنى أن الملك يوقف إذا ارتد، فإذا هلك مرتداً، تبيّنا زوالَ ملكه، وإن عاد إلى الإسلام، تبينا أن ملكه لم يَزُل، وهذا كالنكاح بعد الدخول، فإن ارتدّ الزوج ومات مرتداً، تبينا ارتفاع النكاح بالردة، وإن عاد إلى الإسلام قبل انقضاء العدة، تبينا أن النكاح لم يَزُل، ومدة العمر في الملك كمدة العدة في النكاح.
(٣) المعنى: أن مال المرتد الذي يزول ملكه عنه يكون فيئاً، وأصحاب الديون أحق من أهل الفيء.