والقتل يقع في قطع الطريق حداً على من قَتل، وهو واجب على المصرّ على الردة.
ثم وَضْعُ الحدود على التنكيل، والمعاقبةُ على ما سبق، والزجر عن احتقاب أمثال تيك الكبائر في المستقبل. فإن لم يكن قتلاً، أفاد زجر المحدود وزجرَ غيره، وإن كان قتلاً، فهو عقوبة على المحدود وزجرٌ لغيره، وقيل: المرتد وإن لحق بالحدود، فليس في معناها؛ فإنه دعاء بالسيف إلى الإسلام، وهو بمثابة دعاء الكفار إلى الإسلام، إلا أنهم قد تقبل منهم الجزية، والمرتد مدعو إلى الإسلام، فإن التزمه، فذاك، وإلا فالسيف واقع به.
١١٠٤٣ - ثم إن الشافعي أفرد لكل صنف من أصناف الحدود كتاباً، وافتتح الكلام في حد الزنا، وقد ورد في حد الزنا آيتان، إحداهما: قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ}[النساء: ١٥] والأخرى قوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا}[النساء: ١٦] فظاهر الآية الأولى يدل على اكتفاء النساء بالنساء، وظاهر الآية الثانية يدل على اكتفاء الرجال بالرجال، وقد قيل: الآيتان في الجنسين جميعاً، ولكن المراد بمضمون الآية الأولى التعرض للثُّيَّبِ، فجرى فيها تخصيص النساء بالذكر، لأنهن أحرص على الزنا من الثيب من الرجال، والآية الثانية في الأبكار، والأبكار من الذكور أحرص على الزنا من الأبكار من النساء.
وبالجملة الآيتان ليستا مشتملتين على بيان حكم الزنا افي الجنسين جميعاً، الأولى تضمنت الأمر بالحبس وانتظار حكم الله تعالى. والثانية اقتضت الإيذاء مطلقاً من غير تفصيل.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبادة بن الصامت:" خذوا عنى قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة ورجمٌ بالحجارة "(١) وظاهر الحديث الجمع بين الجلد والرجم، في حق الثيب، وقد صار إلى ذلك أصحاب الظاهر، واتفق العلماء المعتبرون من الصحابة رضي الله عنهم
(١) حديث عبادة بن الصامت أن النبي قال: " خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً ... " رواه مسلم: الحدود، باب حد الزنا، ح ١٦٩٠. وانظر التلخيص: ٤/ ٩٦ ح ٢٠٢٠.