للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صوباً، وأبطلنا حبسه في الموضع الذي يُغرَّب إليه، وهو مارٌّ على وجهه، فلا يكاد يظهر أثر التغريب، ولا يكاد [يظهر] (١) -والحالة هذه- إلا إظهار التغريب والإرهاق (٢) إليه.

وقد قال الأصحاب: لو كان بينه وبين وطنه مرحلتان لا نغرّبه إلى وطنه؛ فإن هذا ضد التغريب، ولكن نغرّبه إلى جهة أخرى، [فإن غربناه إلى بلدةٍ، فانتقل إلى وطنه] (٣) فهذا موضع وقوف الناظر، ولا وجه إلا ما ذكرناه (٤)، وإن كان يؤدي إلى تغربه من الوطن سنة ووجهه إلى الوطن (٥).

١١٠٤٩ - وفيما يعترض في الفكر أن المُغرَّب لو عاد إلى مكان التغريب قبل انقضاء السنة ومكث مدة من حيث لا يُشعر به، فإذا اطلع الوالي عليه غربه، وفي بطلان ما مضى من زمان التغريب قبل العود نظرٌ للمفكر؛ فإن الغرض الأظهر من التغريب الإيحاش بالغربة، وهذا إنما يحصل إذا تواصل الإيحاش والتغرب، يحققه أن الجلاد لو جلد الزاني مائة جلدة في عشرة أيام، لم يُعتدّ بما تقدم من الجلدات؛ فإن الإيلام الحاصل بالمائة المتواترة لا يحصل إذا فرقت الجلدات، وتخللت الفترات المريحة، وسنذكر هذا عند ذكرنا كيفية الجلد ونعت السياط، إن شاء الله. والمسألة في التغريب محتملة على الجملة (٦)، والعلم عند الله تعالى، وقد نجز بيان حد الأبكار إذا زنَوْا على الجملة، وستأتي مسائل على ترتيب الكتاب، إن شاء الله عز وجل.


(١) زيادة من المحقق اقتضاها السياق.
(٢) الإرهاق إليه: أي الحمل عليه والإزعاج به، عن محل الفاحشة، كما عبر بذلك في البسيط.
(٣) زيادة اقتضاها السياق، وهي من الوسيط للغزالي، ثم هي في هامش نسخة الأصل، منسوبة للوسيط، وليست لحقاً. (ر. الوسيط: ٦/ ٤٣٨).
(٤) الأصح أنه يمنع من الانتقال إلى وطنه. (ر. الروضة: ١٠/ ٨٩).
(٥) العبارة هنا فيها نوع قلق، مع اتفاق النسختين فيها، ولذا كان من المناسب أن نشدّ عضدها بعبارة الغزالي، قال: " الغريب إذا زنا أزعجناه، وإن كان هذه البلدة كسائر البلاد، ولكن الغرض التنكيل بالإزعاج عن محل الفاحشة، وقد يألف الغريب بقعة. فلو كان إلى وطنه مرحلتان، فلا نغرّبه إلى وطنه؛ لأنه ضد التغريب، فإذا غربناه إلى بلدةٍ، فلو انتقل إلى بلده هل يمنع؟ هذا فيه نظر، والظاهر أنه لا يمنع ". (ر. البسيط: ٥/ورقة: ١١٧ يمين).
(٦) قال الرافعي: " الأشبه أنه يستأنف " (ر. الشرح الكبير: ١١/ ١٣٧).