فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يجلد مائة. فقالوا: يا رسول الله هذا لو جُلد مات. قال صلى الله عليه وسلم:" خذوا عِثْكالاً عليه مائة شِمْراخ، فاضربوه به "(١).
وقد اضطرب كلام الأئمة في هذا الفصل، ونحن نذكر ما ذكروه، ثم ننبه على غامضة المذهب، ثم نوضح ما عندنا، إن شاء الله.
١١٠٥٨ - قال الصيدلاني: نأخذ غصناً عليه مائة فرع، ونضربه به. ولا يشترط أن تمسه الفروع كلُّها، بل يكفيه أن ينكبس بعضها على بعض بحيث يثقل بسببها الغصن على المضروب، ويناله بهذا السبب أدنى التثقيل، ولو كان على الغصن خمسون فرعاً، ضربناه مرتين، فاقتضى كلامه رعاية إلحاق الأذى به، كما ذكرناه.
وفي بعض التصانيف أنه لا يؤلم بالضرب، واتفقت الطرق على أن الوضع عليه ليس كافياً، ولا بد من المقدار الذي يسمى ضرباً. هذا ما وجدناه من كلام الأئمة.
ومما نُقضِّي العجب منه مجاوزتهم أمثال ذلك من غير مباحثة، مع ظهور الإشكال فيه.
وأنا أقول: الأسواط التي تقام الحدود بها سيأتي وصفها، إن شاء الله، في باب مفرد في آخر الأشربة، فإن كان مستوجب الحد مستقلاً بالضرب بها، فلا كلام.
(١) حديث: " أن رجلاً مخدجاً رُئي على امرأة ... " رواه الشافعي، والبيهقي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف مرسلاً، قال البيهقي: " هذا هو المحفوظ عن أبي أمامة مرسلاً ". ورواه أحمد وابن ماجه عن أبي أمامة عن سعيد بن سعد بن عبادة، ورواه أبو داود عن أبي أمامة عن رجل من الأنصار، ورواه النسائي والدارقطني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه، والطبراني عن أبي أمامة عن أبي سعيد الخدري. قال الحافظ: فإن كانت الطرق كلها محفوظة، فيكون أبو أمامة قد حمله عن جماعة من الصحابة، وأرسله مرة. (ر. مسند الشافعي رقم ٢٥٨، أحمد: ٥/ ٢٢٢، أبو داود: الحدود، باب في إقامة الحد على المريض، ح ٤٤٧٢، ابن ماجه: الحدود، باب الكبير والمريض يجب عليه الحد، ح ٢٥٧٤، النسائي في الكبرى: الرجم، باب الضرير في الخلقة يصيب الحدود (٤/ ٣١١ - ٣١٣ الطبراني في الكبير ٦/ ٣٨ ح ٥٤٤٦، سنن الدارقطني: ٣/ ٩٩ - ١٠١ التلخيص: ٤/ ١٠٨، ١٠٩ ح ٢٠٤٨).