للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

١١٠٧٤ - وأما أبو حنيفة (١)، فقد أتى بمناقضات بادية، وزعم أن كل ما يؤتى (٢) به على صيغة العقد دارىءٌ للحد، وإن أجمع المسلمون على بطلانه، فقال: نكاح الأم يدرأ الحدَّ عن الابن الذي يأتيها، وإن كان هذا على رتبة العقود الباطلة.

ولو اشترى [حرّة، ووطئها،] (٣) حُد.

ولو استأجر امرأة على الزنا، أو أباحت نفسها، أو جاريتها حُد، وأبو حنيفة (٤) قال: لا يحد، وأقام الاستئجار على الزنا دافعاً للحد، ثم اكتفى بالمعاطاة، وقال: لا حد على المرأة إذا مكنت مجنوناً (٥)، وعلى العاقل الحد إذا زنى بمجنونة، ولا حد عليه بخرساء في أمور لا يحويها ضبط، وليست من غرضنا. ثم أوجب الحد على من يأتي امرأة يحسبها زوجته (٦)، وإن كان لا يأثم، فهذا شخص غير آثم، وهو مرجوم! وقال في مسألة شهود الزّوايا (٧): يجب على المشهود [عليه] (٨) الحد، وإن اختلفت الشهادات، فليس يستقر له مذهب في الدرء، ولا في الإيجاب.

ومن الفروع اللطيفة التي انتظمت له أنه قال: إذا شهد أربعة من العدول على زنا


(١) ر. المبسوط: ٩/ ٨٥، مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٢٩٦ مسألة ١٤١٤، طريفه الخلاف: ٢٠٥.
(٢) في الأصل: قوى، والمثبت من ت ٤.
(٣) في النسختين: " ولو اشترى جارية بالدم ووطئها، حُد " والمثبت هي الصورة المتداولة في كتب المذهب، راجع على سبيل المثال (الشرح الكبير: ١١/ ١٤٨).
هذا، ولِما في النسختين وجهٌ، وهو أن جعل الدم ثمناً للجارية يبطل عقد الشراء، والكلام فيما تورثه العقود الباطلة من شبهة تدرأ الحد. وأن الأحناف يجعلون العقد -مهما كان ظاهر البطلان- شبهة دارئة للحد.
(٤) ر. رؤوس المسائل: ٤٨٧ مسألة ٣٥٢، طريقة الخلاف: ٢٠٧، المبسوط: ٩/ ٥٨، ٥٩.
(٥) ر. رؤوس المسائل: ٤٨٨ مسألة ٣٥٣، طريقة الخلاف: ٢١٠، المبسوط: ٩/ ٥٤.
(٦) ر. المبسوط: ٩/ ٨٧، البدائع: ٧/ ٣٧.
(٧) ر. المبسوط: ٩/ ٦١، البدائع: ٧/ ٤٩.
(٨) زيادة من المحقق.