للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا ثبت القولان، فقد اختلف أصحابنا في محلهما: فمنهم من قال: القولان فيه إذا أقر بسرقة عين وتلفت في يده، ومعنى قبول إقراره على أحد القولين تعلّق قيمتها بالرقبة، وهذا القائل يقول: لو كانت العين القائمة في يد العبد وزعم أنه سرقها، وأنكر السيد ذلك، وقال: العين القائمة في يده ملكي، فإقراره مردود، واحتج هذا المرتِّب بأن قال: العين الموجودة في يد العبد بمثابة الأعيان الثابتة في يد السيد، فإن يد العبد يد السيد، ولو أقر العبد بأن الأعيان التي في يد سيده مسروقة، وأنه سرقها وسلمها إلى السيد، فإقراره مردود، والطرق متفقة على هذا.

ومن أصحابنا من قلب الترتيب، وقال: إذا ادعى العبد أنه سرق عيناً وأتلفها، (١ فإقراره مردود في تعلق قيمة العين التي ذكرناها بالرقبة قولاً واحداً، وإنما القولان فيه إذا أشار إلى عين كائنة في يده ١). وهذا المرتب يستدل، ويقول: العين القائمة معلومة منحصرة، فإضافة الإقرار إليها ذكر متعلَّق الإقرار مشارٍ إليه، ويد العبد في الظاهر ثابتة عليه، وقد أقر بأن هذه يد سرقة، فظهر ارتباط الإقرار بالمقَرّ به. وأما ما ادعى تلفه في يده، فلا نهاية له، ولا ضبط يفرض الوقوف عنده.

وهذه الطريقة ضعيفة؛ لما قدمناه في الطريقة الأولى، من أن يد العبد يدُ المولى، ثم حكينا اتفاق الأصحاب على أنه لو أضاف السرقة المدعاة إلى ما في يد العبد، لم [نقبل] (٢) إقراره، وهذا أفقه مما خيله المرتب الثاني.

ومن أصحابنا من قال: نطرد القولين في العين القائمة، والعين التي ادعى العبد إتلافها.

١١١٥١ - وجمع بعض الأصحاب الطرق كلها وأنشأ (٣) منها أقوالاً: أحدها - أن إقرار العبد مقبول فيما ادعى إتلافه، وفيما في يده. والثاني - أن إقراره مردود في الموضعين فيده مقطوعة، والغرم نازل على ذمته. والثالث - أن إقراره مقبول فيما ادعى إتلافه غيرُ مقبول في العين القائمة. والقول الرابع - عكس هذا.


(١) ما بين القوسين سقط من (ت ٤).
(٢) في الأصل: " لم نبعد ".
(٣) كذا قرأناها في الأصل، وفي (ت ٤): يمكن أن تقرأ: " وتبينوا منها أقوالاً ".