للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١١١٦١ - الثاني - في أموال بيت المال، فحاصل ما ذكره الأئمة وجهان: أحدهما - أنه لا قطع أصلاً في أي مال سُرق إلا ما نستثنيه، سواء كان المأخوذ من مال الصدقات، أو من مال المصالح، فإن لكل مسلم حقاً في أموال بيت المال، حتى لو أخذ من الصدقات، ولم يكن مستحِقاً لها، فهي عتيدة لسد حاجته إذا صار من أهل ْالصدقات، وعلى هذا الأصل نفينا القطع عن الأب الموسر إذا سرق من مال ابنه، وإن لم يكن مستحِقاً للنفقة؛ لمكان يساره. هذا وجه.

ومن أصحابنا من فصّل، وقال: إن كان السارق من مستحقي الصدقات، وقد أخذ منها، فلا قطع عليه، وإن لم يكن من مستحقي الصدقات، وسرق منها، قُطع، وليس كالأب في حق ولده، فإن بينهما اتحاد من جهة البعضية ولكل واحد منهما اختصاص بمال الثاني. وإنما أموال الصدقات يصرفها الإمام إلى من يعيّنه، ولا يُعتَرضُ عليه في ذلك المعنى.

فأما مال المصالح، فإن سرق منه محتاج، فلا قطع عليه، وإن سرق منه غيرُ محتاج فوجهان: أحدهما - أنه يلزمه القطع، لأنه لا يستحق من أعيانها شيئاً. والثاني - لا قطع، فإن أموال المصالح قد تصرف إلى الرباطات والخانات وغيرها، ثم يعم نفع هذه الأشياء في الأغنياء والفقراء. هذه طريقة، والأولون ينفون القطع من غير تفصيل.

فإن قيل على طريقة التفصيل: هل توجبون القطع على الذمي إذا سرق من مال المصالح؟ قلنا: ما قطع به معظم الأصحاب أن القطع يلزمه، وإن فرض انتفاعهم بالرباطات، فذلك على طريق التبع؛ من حيث إنهم قاطنون ديارَ الإسلام. وأشار بعض المحققين إلى خلافٍ فيهم، وهذا بعيد.

وأما ما [وعدنا] (١) استثناءه، فهو الفيء المعتد للمرتزقة، فإذا سَرق منها من ليس منهم -والتفريع على أنه ملكهم- وجب القطع، [وكذلك ما أُعد من الخمس لذي


(١) زيادة من (ت ٤).