للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستوجب القصاص، فإذا عفا ولي الدم، يرجع إلى المال، وقُتل المرتد بردته.

١١١٨٦ - ونختم ما ذكرناه بمسألةٍ من الفصل الذي سيأتي إن شاء الله تعالى، فنقول: إذا قتل قاطع الطريق واستوجب القتلَ، وتاب قبل الظفر به، فسنوضح أنه يسقط ما كان حقاً لله تعالى مختصاً بالمحاربة، وأثر هذا أن تحتّم الضل يسقط، قال الأصحاب: يبقى القصاص إلى خِيَرة الولي، وقال بعض أصحابنا: هذا يفرع على أن القتل على قاطع الطريق محض حق الله تعالى أم للآدمي فيه حق؟ فإن قلنا: للآدمي فيه حق، فيبقى القصاص، وإن سقط تحتُّم القتل حقاً لله تعالى.

وإن قلنا: لا حق للآدمي، فإذا سقط القتل بالتوبة، فلا قصاص للآدمي، ولا دية، وهو كما لو مات المحارب وفات الحد، وقلنا: القتل محض حق الله تعالى، فلا دية لولي الدم، وهذا لا ينكر ضعفَه فقيه، ولكنه قياس ما قدمناه من التفاريع.

فانتظم مما ذكرناه أنا إن قلنا: للآدمي حقٌّ، بقي القصاص، وسقط التحتم بالتوبة، وإن قلنا: لا حق للآدمي، فإذا تاب قبل الظفر، ففي بقاء القصاص وجهان: أحدهما - أنه يسقط، وهو قياس هذا القول الضعيف. والثاني - لا يسقط، وهو الذي صححه الأئمة (١).

ونحن نقول: إن كان هذا هو الصحيح، فإطلاق القول بأن القتل محض حق الله تعالى لا وجه له، بل الوجه أن نقول: الغالب حق الله تعالى، أو حق الآدمي. والذي يقتضيه قياس المذهب إثبات الحق على الشَّوْب والاشتراك من غير تغليب، فإن حصل التوافق على القتل، [فذاك] (٢)، وإن فات الحد، بقي حق الآدمي، وإن عفا الآدمي، فله المال، وحق الله يستوفى، فهو إذاً قتلٌ معلل بعلّتين، ولو أمكن قتلان لأثبتناهما.


(١) ت ٤: " القاضي ".
(٢) سقطت من الأصل.