أجرينا القصاص في يده اليسرى ورجلِه اليمنى، فلا نقطع طرفيه الباقيين حداً حتى يبرأ، ولو قطع يمين إنسان، ووجب القصاص عليه في يمناه، ثم سرق سرقةً توجب عليه القطع، فقد ازدحم على يمناه الحد والقصاص، ولكن القصاص مقدّم، وهذا متفق عليه.
فإن قيل:[قطعتم](١) القول بتقديم حق الآدمي في العقوبة إذا فرض الازدحام، كما صورتموه، وردّدتم الأقوال في حقوق الأموال، وقلتم في قولٍ: نقدم حق الله تعالى على حق الآدمي، فما الفاصل بين الأصلين؟
قلنا: حق الله تعالى في العقوبات يتعرض للسقوط بالشبهات، حتى انتهى الأمر فيها إلى قبول الرجوع عن الإقرار بها، وحق الآدمي في العقوبة آكد، ولا يسقط بما يسقط به حق الله تعالى؛ فاقتضى ذلك تقديم الآكد، والحقوقُ المالية وإن أضيفت إلى الله تعالى، فإنها لا تتعرض للسقوط بالشبهات، وانضاف إليه أن مصرف حقوقِ الله تعالى في الأموال للآدميين، فكأنه يجتمع فيه حق الآدمي والتأكد بالإضافة إلى الله تعالى. هذا هو الفرق بين الأصلين.
والذي يعضّد هذا أن من استحق القصاص فوافى الجاني في شدة حرٍّ أو برد، لم يجب عليه أن يؤخر الاقتصاص في الطرف، وقد نوجب تأخير الحد عن شدة الحر والبرد.
ولو جرى اقتصاص في طرفٍ، وفرض بعده استحقاق طرف في حدٍ، فإنا نؤخر استيفاء الحد إلى أن يبرأ، ولو فرض استيفاء حدٍّ في طرف، ثم وجب القصاص في طرف آخر، أو كان واجباً، فليس على مستحِق القصاص أن يؤخره.
والذي قدمناه في صدر الفصل من الإمهال بين الجلد والقطع قصاصاً مفروضٌ فيه إذا كان بعد القطع قتلٌ يخشى فواتُه، ثم فيه من التفاصيل ما مضى.
١١١٩٧ - ولو وجب على الإنسان القصاص لأسبابٍ، فلم يتفق استيفاؤه حتى أخذ المال في المحاربة؛ فيجب عليه قطع اليد اليمنى قصاصاً وحداً، ويجب قطع الرجل