١١٢٠٨ - فإذا تبين ما يعاقب به الشارب، فنحن نذكر ما يتعلق بعقوبة الشارب لو أفضت إلى الهلاك.
قال الأصحاب: لو وقع الضرب بالنعال وأطراف الثياب، وأفضى إلى الهلاك، فلا ضمان. هكذا قاله الأصحاب، ولا شك أن من منع ذلك على الوجه الغريب الذي حكاه العراقيون؛ فإنه يثبت الضمان، ثم نفى الأئمة الضمان وهو مشروط بوقوع الضربات على حد يُعدَّل بأربعين جلدة من غير مزيد.
ثم قال الأئمة: إن جلدَ الإمامُ الشاربَ أربعين تأسياً بالصدّيق، فأفضى إلى الهلاك، ففي وجوب الضمان قولان: أحدهما - يجب، لما روينا عن علي رضي الله عنه، أنه قال:" إلا الشارب، فإنه شيء رأيناه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم "، وفيه معنىً، وهو أنه معدول عن المنقول عن زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا إنما يستقيم لو لم يصح أن الرسول صلى الله عليه وسلم جلد الشارب أربعين، وقد روى الأثبات ذلك. فعلى هذا إن صح الخبر يجب نفي الضمان كما يجب ذلك في حد الزنا، وحدّ القذف.
فإن لم نوجب الضمان، فلا كلام، وإن أوجبناه فالذي ذهب إليه أهل التحقيق أنا نوجب عليه الضمان بكماله؛ من جهة اتفاق العدول عما كان إلى جنسٍ آخر، وإذا اختلف الجنسان، امتنع التقسيط، ولم يتجه إلا نفيُ الضمان أو إيجابُه وكمالُه.
وذكر العراقيون وجهاً آخر أن الإمام يضمن ما بين الضرب بالنعال والضرب بالسياط، فإنه يكون أشدَّ إيلاماً وأنجعَ وقعاً، فيقدر بينهما شيء بالتقريب والاجتهاد، ويلزم ذلك القدر، وهذا الذي ذكروه في نهاية البعد، والمذهب ما ذكرناه. وقد بان حكمُ الضمان فيه إذا جلد الشارب أربعين، أو أمر حتى ضرب بالنعال وأطراف الثياب.
١١٢٠٩ - وأما إذا جلده ثمانين على رأي عمر رضي الله عنه، فمما نذكره في ذلك أن الأربعين المضمومة إلى أربعين غريبة في وضع الحدود والعقوبات؛ فإنا إن قدرناها من الحدّ، كان محالاً؛ فإنها زائدة على ما جرى في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم