للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حيث يرى الطبيب ذلك، فليس إليه هذا، والناس موكولون في هذه المصالح إلى رأيهم، حتى قال الأئمة: لو قطع الإمام ما ذكرناه من بالغ على الكره منه، فأفضى إلى الهلاك، التزم القود، فهذا بيّن.

١١٢٢٩ - فأما القول في المَوْليّ عليه، فهذا موضع التأمل التام. فنقول: إن فرضنا أكَِلَةً أو سِلْعة بطفلٍ أو مجنون، فنتكلم في تصرّف الولي الخاص فيه، ونتكلم في تصرف السلطان. فأما السلطان، فإنه ولي الطفل والمجنون إذا لم يكن له ولي خاص، فله بنظره أن يأمر بالفصد والحجامة، فإن كان قطعُ السِّلعة على النسق [الذي وصفناه] (١) فللسلطان الأمر به (٢)؛ فإنه والٍ، وإذا كان يلي مالَه خيفة أن يضيع، فلأن يلي بدنه في جهات المعالجات أولى؛ فإن أبدان الحيوانات عرضةٌ للتغايير، وعِللها في أُهبها، فلو أهملت، لأدى إلى الهلاك، وقد نقل الأصحاب مطلقاً أن السلطان [لا] (٣) يقطع السلعة، ولم يريدوا هذه الصورة؛ فإنها من المعالجات.

فأما إذا كان قطع السلعة مُخطِراً (٤) وكانت تبقيتُها مُخطِرةً أيضاً، ومست الحاجة إلى النظر في تغليب أحد الظنين، فهاهنا قال الشافعي: لا يقطع السلطان السلعة والأَكِلة.

ونقتصر على هذا القدر الآن من الكلام في السلطان، ثم نعود إليه بالإتمام.

فأما الأب والجد أبو الأب، فقد أطلق الشافعي قوله: بأنه يقطع الأَكِلَة [في هذه الصورة] (٥)، ولم يرد بها صورة المعالجة، حيث لا ضرار في القطع؛ فإن ذلك يسوغ للسلطان، كالفصد والحجامة، فلا يخفى جوازه للولي الخاص. فأما إذا تعارض خطران في القطع والتبقية، فعند ذلك قال الشافعي: " للولي الخاص أن يقطع إن كان القطع صواباً " (٦).


(١) ما بين المعقفين زيادة من المحقق لاستقامة الكلام.
(٢) أي إذا كان في قطعها درءٌ لخطر، وكان بقاؤها مخوفاً، على النسق الذي وصفناه.
(٣) في الأصل: " لم ".
(٤) مخطِراً: من أخطر فلاناً المرض: أي جعله بين السلامة والتلف. (المعجم).
(٥) في الأصل: " يقطع الأكلة والصورة " والمثبت تصرف منا على ضوء التفصيل الآتي.
(٦) وهذا النص أيضاً لم أصل إليه في المختصر.