قال:" ولا يبلغ بعقوبةٍ أربعين، تقصيراً عن مساواته عقوبة الله تعالى في حدوده ... إلى آخره "(١).
١١٢٣٥ - التعزيرات لا مبالغ لها تقديراً من الشارع، ولكن يتطرّق إليها في جهة الأقصى مردٌّ يُنتَهى إليه، ويتخذه المجتهد شوفَه بين يديه، فالذي تمهد في الأصل أن التعزير لا يُبلغ به الحدّ، كما أن الرضخ لا يبلغ به السهم في المغنم، والحكومة لا تبلغ الدية.
ثم اختلف طرق أئمتنا في المبالغ التي نجعلها شَوْفنا في الاعتبار: فقال قائلون: يُحط أعظم التعزيرات عن أقل الحدود، وقال آخرون: يُنسب مقتضى كل تعزير إلى ما يقتضي الحدّ في قَبيله، حتى إن كان ما صدر من الإنسان هي مقدمات الزنا، فالتعزير فيما جاء به محطوط عن حد الزنا، وإن عرّض بقذف، أو قذف من ليس محصناً، فتعزيره محطوط عن حدّ القذف، وإن فرض ملابسةٌ لأسباب الشرب، فالمعتبر الذي إليه الرجوع حدّ الشرب، وهذا فقهٌ حسن.
توجيه الوجهين: من قال يُحط أبلغ التعزيرات عن أقل الحدود، احتج بأن قال: أعظم الأشباه بالإضافة إلى أقل أسباب الحدود محطوط عنه، وإنما توجد العقوبات من موجباتها، ومن يصير إلى الوجه الثاني احتج بأن النِّسب حقها أن تقرر باعتبار كل نوعٍ بالغاية المطلوبة فيه أولى، ولذلك تعتبر كل حكومة بحسب الجناية على عضو بما يجب الأرش المقدّر في ذلك العضو، على تفاصيلَ انتجز شرحها في الديات.
وما ذكره ناصر الوجه الأول من أن ما يوجب أقلَّ الحد أعظمُ مما يوجب أبلغ التعزيرات ليس كذلك؛ فإن منازل الزلات والجرائم لا يُتلقَّى من هذا، ورب شيء هو أكبر من كبار موجبات الحدود لا يحدُّ في قبيله، كأكل مال اليتامى ظلماً، وكإمساك