للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمن كان يبذُؤ بلسانه على صاحب له، فأطلق المعزَّر لسانه في عمر غير شاعرٍ به، فردّ الدرّة، حتى روجع في ذلك، وقيل (١): تعرّض لرجلٍ من آحاد المسلمين، فهممتَ به، وأساء القولَ في أمير المؤمنين [ووَزَرِ] (٢) المسلمين، فكففتَ عنه، فقال: " أما إني رفعتها لله، فمَن ابن أم عمر حتى يُنتَقمَ له مع الانتقام لله " (٣)؟ وأشار بهذا إلى ما لحقه من مبادئ الغيظ.

وقد روي من صفح رسول الله صلى الله عليه وسلم وعفوه ما يظهر حملُه على قريب ممَّا ذكرناه. وهو مثل ما روي: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان في سفرٍ على بعيرٍ فجاء أعرابي، فجذب رداءه، حتى أثرت جذبته في عنقه، وقال: احملني؛ فإنك لا تحملني على بعيرك ولا بعير أبيك " (٤) فقال أبو هريرة: فهممنا به كالخيل من الحديد نبغي قتله، فقال عليه السلام: " عزمت على من سمع كلامي أن يثبت مكانه "، فوقفنا، وأيدينا على مقابض السيوف ننتظر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا أسامةَ بن زيد، وقال: " احمله على بعير الزاد " ولم يعزره. وقصة الرجل الذي خاصم الزبير في سقيه بستاناً مشهورة، وهي محمولة على ما ذكرناه (٥).

١١٢٣٨ - ومن أهم ما يجب الاعتناء به، [فهمُ] (٦) سؤال مع الجواب عنه. فإن


(١) أي قيل لعمر.
(٢) في الأصل: " ووزير ".
(٣) أثر عمر رضي الله عنه لم نقف عليه.
(٤) حديث الأعرابي الذي جذب ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " احملني ... " رواه أبو داود، والنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وضعفه الشيخ الألباني (ر. أبو داود: الأدب، باب الحلم وأخلادتى النبي صلى الله عليه وسلم، ح ٤٧٧٥، النسائي: القسامة، باب القود من الجبذة، ح ٤٧٨٠، ضعيف سنن أبي داود للألباني، ح ١٠٢٢).
(٥) حديث الرجل الذي خاصم الزبير في سقي بستان متفق عليه. (البخاري: المساقاة، باب سَكْر الأنهار، ح ٢٣٥٩، ٢٣٦٠، مسلم: الفضائل، باب وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم، ح ٢٣٥٧).
(٦) في الأصل: " فهو ".