للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: هذا عندي مخرج على استتابة المرتد، وقد ذكرنا قولين في وجوب استتابة المرتد.

وهذا الذي ذكره مما انفرد به، ولا بد فيه من تفصيل. وأما الأصحاب،

أطلقوا (١) أقوالهم بأن الدفع إن أمكن بالقول، فلا معدل عنه إلى الفعل، ثم التمسك في الأفعال بالأيسر، فالأيسر؛ فالوجه أن نقول: [التعويل] (٢) على الذي يكون تخويفاً أو زعقة على الصائل، إن أمكن الدفع به، فلا يجوز أن يكون في وجوب البداية به خلاف، والذي ذكره صاحب التقريب هو إنذارٌ لا يكون دفعاً في نفسه، ولكنه من قبيل موعظة أو ما يقرب منه، فانتظم إذاً في الإنذار في غير مسألة النظر كلام لصاحب التقريب، كما ذكرناه، وإن لم نوجب الإنذار في غير النظر، لم نوجبه في النظر، وإن أوجبناه في غير النظر، ففي وجوبه في النظر تردّد للأصحاب على ما حكينا طريقةَ الأئمة، واختيار القاضي.

ثم مما يليق بتمام ذلك أنا إن لم نوجب الإنذار في سائر وجوه الدفع، فلا كلام.

وإن أوجبناه، فتَرَكَه، وقَتَلَ الصائلَ، ضمنه، بترك تدريج الدفع، وليس كما إذا أوجبنا استتابةَ المرتدّ، فلم يستتب، وابتدر مبتدرٌ، فقتله؛ فإن الضمان لا يجب؛ من جهة أن الردة مُهدرة، وهي واقعةٌ، فجرّت الاستتابةَ ثَمَّ بعد الإهدار.

١١٢٥٦ - ثم قال الأئمة: إذا جوزنا قصْدَ عينِ الناظر، فيجب ألا يزاد على ما يقصد بمثله العين، كبندقة أو حصاة خفيفة. وأما إذا رشقه المنظور إليه بنشابة، فهذا قتلٌ، وليس قصدَ عين، ولا شك في تعلّق القود والضمانِ به. نعم. لو كان لا يتأتى منه قصد عينه، وكان لا ينزجر عن نظره، فإنه يستغيث (٣) عليه، ويقطع نظره عن نفسه، فإن أبى، فحينئذٍ [يدفع عن نفسه] (٤)، ولا يتألّى (٥) بأن يأتي الدفع عليه.


(١) جواب أما بدون الفاء، وهو سائغ عند الكوفيين، وعليه جرى إمام الحرمين كثيراً، كما أشرنا من قبل مراراً.
(٢) في الأصل: " القول ". والمثبت تصرف من المحقق.
(٣) يستغيث عليه: أي يطلب الغوث.
(٤) في الأصل: " يدفع عنه ".
(٥) ولا يتألّى: أي لا يتحرّى ويجتهد أن يقتله. (المعجم).