للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تفريط في إرسال المواشي ليلاً في حق أصحاب البساتين إن جَرَوْا على الاعتياد، حتى لو لم يكن إلا البساتين، فلا تفريط في إرسال البهائم ليلاً، وإن كان في الموضع بساتين ومزارع ضاحية (١)، فإرسال البهائم تفريط في المزارع، وليس تفريطاً في البساتين. وقد تمهد أصل [المذهب] (٢) فيما تتلفه المواشي إذا انتشرت، ولا حافظ معها.

١١٢٦٢ - ونحن نضبط القسم الثاني، ثم نذكر فروعاً، فنقول: إذا كان صاحب البهيمة معها، فالغالب فيما تتلفه البهيمةُ سبَق مفصلاً في الباب المشتمل على الأسباب المقتضية للضمان. ولكنا نعيد معاقد المذهب، فنقول: ما تتلفه البهيمة مما يُقدّر التصوّنُ عنه بالرعاية والحفظ، ولا ينسدّ به رِفقُ (٣) الطروق، فهو مضمون. ثم قال الأصحاب: يضمن الراكب ما تتلفه البهيمة بيديها إذا [خبطت] (٤)، وبرجليها إذا رَمَحت ورفست، وبفمها إذا عضّت، وقضَوْا بأنه يضمن بهذه الجهات إذا كان قائدها أو سائقها [معها] (٥).

وقد ضمَّنَّا ضبط المذهب قيوداً، وفي ذكر معناها تمام الغرض، فنقول: لا سبيل إلى منع البهائم من الطروق، ثم في طروقها فسادٌ لا سبيل إلى دفعه، ولا يمكن التحرّز منه، فإنها تثير الغبار لا محالة، ثم يتعلق بما يثور من الغبار ضِرار في ثياب البزَّازين، والفواكه وغيرها، ولكن ذلك محتمل، وقد ظهر الأمر في ذلك حتى انتهى إلى أن هذا لا يُعلم ضراراً إلا إذا رُدَّ النظر إليه (٦)، وكذلك ممشاها في الشتاء، وكثرة الوحول والأنداء، تطيّر رشاشاً، لا يمكن دفعه بالتحفظ، فذلك القدر لا ضمان فيه؛


(١) ضاحية: أي ظاهرة ومكشوفة غير محوطة.
(٢) في الأصل: " المذاهب ".
(٣) رِفق الطروق: أي لا يمنع من سهولة المرور. (المعجم).
(٤) في الأصل: " اخطت ". والمثبت من عبارة الغزالي والرافعي وغيرهما. وخبطها: ضربها بيدها.
(٥) زيادة من المحقق.
(٦) أي إذا تأمله المتأمل.