به، فالمعين معني بالفرض، وفرض الكفاية معني بالتحصيل. ثم إذا قام به من فيه كفاية، سقط الفرض عن الكافة، فإن تعطل حَرِج بتعطيله المطالبون به، والقول في ذلك يطول، ولكنا نذكر مقداراً مقنعاً، فلا تعويل على قول من يتكلم بما لا يحيط بحقيقته.
فنقول: إذا تعطل فرض كفاية في قُطْر حَرِج أهلُ الخِطة، وليس هذا مذهباً لذي مذهب، ولكني ذكرت ما يتفاوض به الأغبياء، حتى أعقبه بذكر الحق، فإذا عُطِّل فرضٌ من فروض الكفاية، حَرِج بتعطيله المطالَبون بالبحث عنه، فينال الحرج الخبير (١)، ثم يتعدى منه؛ من جهة ترك البحث إلى أهل الحارة، ويختلف هذا بكبر البلدة، وصغرها، وإذا بلغ تعطيل فروض الكفايات مبلغاً تتقاذف السمعة بها إلى البلاد، فعليهم أن يسعَوْا في التدارك. فإن لم يفعلوا نالهم الحرج، وهكذا على التدريج الذي ذكرناه إلى أن يعم الخِطة، ولا يتحقق هذا بفرض وفروضٍ معدودة.
وحقُّنا الاقتصارُ على التنبيه.
١١٢٧٧ - ثم قال المستقلّون بالعلوم الكلية: ينبغي أن يكون. أرباب القيام بفروض الكفاية على التبادر إليها، لا على التواكل فيها؛ فإن ذلك يجرّ التعطيل لا محالة.
ومما لا نجد بُدّاً من ذكره في ذلك أنه لو قام بفرضٍ جمعٌ، والفرض كان يسقط ببعضهم، فلكلّهم مقام القيام بالفرض، فإنهم اشتركوا أولاً في الصلاح لها، ويشتركون آخراً في الحرج لو تعطل على التدريج الذي ذكرناه، فإذا لابسوه، لم يكن البعض منهم أولى بالاتصاف بإقامة الفرض. نعم، وقد تعرض مسائل فقهية مرّت مستقصاة في مواضعها، ونحن لا نكتفي بالإشارة إليها:
منها أنه لو صلى على الميت جمعٌ وقَضوا الصلاة، ثم صلى جمع آخر، فإذا لم نمنع ذلك، فالوجه أن نجعلهم بمثابة المقارنين الأولين في الصلاة؛ فإن التنفل بصلاة
(١) كذا قرأناها على استكراه. وهي صحيحة -إن شاء الله- فقد وجدناها في عبارة الغزالي، إذ يقول: " فمن لا اطلاع له عليه، وهو معذور في ترك البحث لا يحرج، فيأثم به الخبير، ويتعدى منه إلى أهل الحارة ممن ترك البحث ". والمعنى يأثم من خبر وعرف، ثم يليه من ترك البحث وقصّر في عدم المعرفة. (ر. البسيط: ٥/ورقة: ١٥١ شمال).