للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به. وقد نص الشافعي على أن الإمام يمنع من أدخل دارَ الحرب مثلَ هذا الفرس، ثم اختلف قوله في استحقاق السهم به، فهلاّ أجريتم هذا التردّد في المخذِّل؟ قلنا: ضرر المخذل عظيم، وأدنى ما يعاقَب به أن يُحرَمَ فوائدَ المغانم، وأما الفرس إذا حضر، فلا ضرر، وقد يقع التهيب به إذا وقع في الصف، فتردّد القول لذلك.

والمخذل لو تاب، فتوبته مقبولة، ولكن لا بد من استبرائه ليعود إلى استحقاق السهم، وذلك ممكن بأن يمتحن في السرّ والعلن.

١١٣١٢ - ثم قال الشافعي: " وواسعٌ للإمام أن يأذن للمشرك أن يغزو ... إلى آخره" (١).

للإمام أن يستعين بطائفة من الكفار، على مقاتلة طائفة، إذا علم أنهم لو غدروا وانحازوا إلى الكفار، لكان للمسلمين استقلالٌ بمقاومتهم، وإن كانوا بحيث لو انضموا إلى الذين يقصدهم، لعسرت مقاومة الفئتين، فلا ينبغي أن يستعين بهم، وقد روي " أن النبي صلى الله عليه وسلم استعان بيهود بني قينقاع في بعض الغزوات " (٢)، " واستعان بصفوان وما كان أسلم بعدُ في غزوة حنين " (٣).

فإن قيل: أليس روي أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إني


(١) ر. المختصر: ٥/ ١٨٢.
(٢) حديث " أنه صلى الله عليه وسلم استعان بيهود بني قينقاع في بعض الغزوات " رواه أبو داود في المراسيل، والترمذي عن الزهري. قال الحافظ: والزهري مراسيله ضعيفة. ورواه الشافعي من طريق الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس، قال البيهقي: لم أجده إلا من طريق الحسن بن عمارة، وهو ضعيف، والصحيح ما رواه أبو حميد الساعدي قال " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا خلف ثنية الوداع، إذا كتيبة، قال: من هؤلاء؟ قالوا: بني قينقاع رهط عبد الله بن سلام، قال: وأسلموا. قالوا: لا. قال: قل لهم: فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين " (ر. المراسيل لأبي داود: ح ٢٨١، الترمذي: السير، باب ما جاء في أهل الذمة يغزون مع المسلمين، هل يسهم لهم؟ ح ١٥٥٨. البيهقي: ٩/ ٣٧، التلخيص: ٤/ ١٨٩ ح ٢٢٠٦).
(٣) حديث " أنه صلى الله عليه وسلم استعان بصفوان وما كان أسلم بعدُ في غزوة حنين " رواه الشافعي (الأم: ٢/ ٨٤، ٨٥)، والبيهقي في الكبرى: ٩/ ٣٧، وفي معرفة السنن: ٥/ ٢٠٠ (ر. التلخيص: ٢/ ٢٣٦ ح ١٥٠١).