تردد هؤلاء الأصحاب في استحقاق المراغمين المزجورين. وهذه الطريقة ضعيفة.
والعجب أنا اقتصرنا عليها في قسْم الغنائم، ولم نذكر الطريقة الصحيحة، وقد أتينا بها الآن، وكتاب القَسْم وكتاب السِّير تتداخل فصولهما، فإذا ألفى الناظر نقصاناً في أحد الكتابين، فليدبّر ذلك الفصلَ من الكتاب الثاني.
١١٣١٨ - ولو قهر الإمام طائفةً من المسلمين، وأخرجهم إلى الجهاد، لم يستحقوا أجر المثل؛ فإنهم من أهل الجهاد، فالجهاد يقع عنهم، هكذا ذكره الصيدلاني وغيره، وهذا يدلّ دلالة ظاهرة على أن استئجار المسلمين على الجهاد غيرُ لازم، والعجب أن الصيدلاني قطع باستئجار المسلمين للإمام، ثم قال: لو أخرجهم قهراً، لم يلزم لهم أجر، ولو صح جواز الاستئجار، فالظاهر أنه لو أخرجهم قهراً، أدّى أجرَ مثلهم من المال الذي لا يؤدى منه الأجر المسمى، والله أعلم.
وإذا كان الجريان على الأصح، وهو امتناع حقيقة الاستئجار، فيطّرد على هذا أنه من سمى شيئاً للمسلمين، فهو تجهيز لهم وإمداد بالعتاد والزاد، فعلى هذا إذا قهرهم وأخرجهم لم يستحقوا أجراً.
قال الصيدلاني: لو عين الإمام شخصاً، وألزمه غسل الميت ودفنَه، فليس لذلك المقهور أجرٌ على عمله، وهذا الذي ذكره فيه فضل تدبر؛ فإنا نقول: إن كان لذلك الميت تركة، فأجرةُ من يتولى هذه الأعمال من تركته، فإذا قُهر شخصٌ والحالة هذه، استحق المقهور الأجر.
وإن لم يخلف الميت شيئاً، وكان في بيت المال متسع لتجهيز الموتَى، فيجب ذلك على الإمام من مال بيت المال، وإن لم يكن، فأراد الإمام أن يعين واجداً (١)، فلا معترض عليه، وإذ ذاك يتجه أن يقال: لا أجر له.
وقد قدمنا أن الإمام لو عين طائفة، وأمرهم بالخروج للجهاد، لم يكن لهم أن يخالفوه، ثم هو في نفسه لا يلي شيئاً من أموره على الخِيرة العريّة عن الاجتهاد