للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيخ: أن التأخير بسبب الإبراد لا يُخرج الصلاة عن النصف الأوَّل من المثل (١) الأول. والأمر على ما ذكره.

وإذا وضح أن المقصود من الإبْراد سهولة المشي إلى الجماعات، فلو كان الرجل يصلي في منزله، فلا إبراد في حقه، فليبادر الصّلاة في أول وقتها، وكذلك إن كان ممشى الناس من موضعهم إلى المسجد في كِن، فلا إبراد.

وكان شيخي يحكي وجهاً أن من الأئمة من يعمم الإبراد في حق الناس كافة، ولا يعدِم هذا الإنسان (٢) نظائر ذلك، وفيه معنى: وهو أن الناس يقيِّلون في وقت الاستواء، ويقتضي ذلك تأخيرَ وقت صلاة الظهر قليلاً، وهذا لا أعُدُّه من المذهب، والوجه القطع بالمسلك المتقدم.

وذكر بعض المصنفين وجهين في الإبراد بالجمعة: أحدهما - أنه مستحب في أوانه، اعتباراً بصلاة الظهر في كل يوم.

والثاني - أنه لا يستحب؛ فإنه لو تأخر خروج الإمام ثم قدّم الخطبتين، فيوشك أن تتأخر الجمعة عن وقت الإبراد في صلاة الظهر، والجماعة فيها [محتومة] (٣)، وقد يؤدي علم الناس بالتأخير، إلى التكاسل، [ثم تفوت الجماعة] (٤) إذا تخاذل كثير من الناس.

وذكر أيضاً وجهين في الإبراد في المسجد الكبير المطروق، والوجه في منع الإبراد -إن صح الخلاف- أن المسجد الكبير يشهده أصناف، ولا يتأتى التّواجد منهم على حد الإبراد، فقد يسبق أقوامٌ، فيحتاجون إلى الانتظار في المسجد، فأما المسجد الصغير في محلة لا يطرقه إلا مخصوصون في الغالب، فيتأتى منهم التواطؤ على الإبراد، والتنصيص على انتظار وقته، فإن فرض سبق سابق غريب إلى مثل هذا المسجد، فهو في حكم النادر الذي لا يُخرم به الأصل.


(١) أي أن ظل الشيء لا يزيد عن نصف مثله.
(٢) كذا في جميع النسخ. والمعنى: هذا الإنسان القائل بتعميم الإبراد.
(٣) في النسختين: محثوثة. وهو تحريف، لعل صوابه ما قدرناه.
(٤) عبارة الأصل مضطربة هكذا: "إلى التكاسل في البيوت عن الجماعة إذا تخاذل كثير من
الناس" والمثبت عبارة: (ت ١). ثم ظاهرتها (ل).