فالاقتصار عليها خارج على اعتبار المآل، وهو من أصول المذهب، وقد صارت الجراح نقصاً، وإن كان الأرشُ أقلَّ، فلا وجه لإيجاب زائدٍ؛ لأن المجني عليه بعد الجناية صار مباحاً، والرق نتيجة الإباحة، ومن استحق الرقَّ، فاستحقاقه طارئٌ على إباحةٍ قاطعةٍ للعهد السابق، فيبعد أن يضمن الجارح قبل الإباحة مزيداً بسبب رقٍّ ترتب على الإباحة، وحق من يملك مباحاً أن يكتفي بما يصادفه. هذا توجيه هذا القول.
ومن أوجب القيمة، استمسك باعتبار المآل، وقال للقائل الأول: إنك تنظر إلى القيمة إذا كانت أقلَّ. فإذا توجه النظرُ إليها، تعين اعتبارها، وكان الرق بعد الحرية في العاقبة كالعتق فيه إذا جنى على عبدٍ ثم عتق ومات.
وأما من قال: يجب أرش الجناية بالغاً ما بلغ، فليس لهذا اتجاه إلا على المذهب الذي حكيناه للإصطخري فيه إذا قطع رجلٌ يدي رجل ورجليه، ثم ارتد المجني عليه، ومات، فإنه يوجب أرش الجراحات، وإن زادت على الدية؛ مصيراً إلى أن الإباحة بعد الجناية، تمنع اعتبار المآل؛ من حيث لو اعتبر المآل، للزم الإهدار، فعلى هذا يتجه إيجاب أرش الجراحات بالغاً ما بلغ.
فإن قيل: كيف وجه التشبيه؟ والذي ارتد في مسألة الإصطخري مات مرتداً، والمجروح في مسألتنا مات رقيقاً مضموناً؛ قلنا: وإن كان كذلك، فالرق مرتب على الإباحة وهو نتيجة الإباحة.
١١٣٩٠ - وبقي وراء الأقوال مباحثة وإشكال [متلقى](١) من أصلٍ من الأصول التي ذكرناها، وهو أن من جرح مسلماَّ، ثم ارتد، ثم عاد إلى الإسلام، ومات في الجراحة، فإن قلنا: تجب الدية الكاملة، فلا إشكال في مسألتنا، وإن رأينا على التخريج أن نوجب بعض الدية، ونهدر بعضها، لمكان الإهدار الطارئ، فعلى هذا يجب إنعام النظر في مسألتنا، من جهة أن سراية الجراحة بقيت، وهو حر ثم استرق بعدها، فحقُّ تلك السراية ألا يُضمن موجبها، فنقول: يستعمل هذا الأصل على