للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: كانوا بيتوا خزاعة المستجيرين برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يقع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم موقع الرضا، ولما رأى بريق السيوف على الميسرة، والمؤمرُ عليها خالد بنُ الوليد، قال: " اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد "، وفي الحديث " أنه ودى القتلى من عند آخرهم، حتى ميلغة الكلب " (١).

فمن قال: دخل مكة عَنوة على معنى أنه مُنع، فقاتل، فليس الأمر كذلك، ومن أراد بدخوله عَنْوة أنه دخلها بعُدّة على هيئة الاستمكان من القهر، فهذا حق لا ينكر، وما جرى من القتال فيه وصفناه. وليس في الخلاف في هذه المسألة كثير فائدة.

والذي جرى الرسم بذكره في أطراف هذه المسألة، القول في عقار مكة.

وعَقارُها وعِراصها المحياة كلها مملوكة، كالدور في سائر البلاد، يصح بيعها، وتنفذ جميع تصرفات الملاك فيها.

ومذهب أبي حنيفة (٢) أن بيع عقار مكة مردود، ولهم اضطراب، لا حاجة بنا إلى نقله.

...


=خزاعة. (ر. مغازي الواقدي: ٢/ ٦١٢، ٧٨٢، ٧٨٣، واللباب في تهذيب الأنساب: ٣/ ٣١٩ وفيه بنو نفاثة، وهو بطن من كنانة، ولا منافاة؛ فبنو نفاثة من بكر، وبكر من كنانة).
(١) خبر قتال خالد يوم فتح مكة، وقوله صلى الله عليه وسلم " إني أبرأ إليك مما صنع خالد ... " رواه البخاري، والنسائي، وأحمد، والواقدي في المغازي، وابن هشام في السيرة عن ابن إسحاق، وابن سعد في الطبقات (البخاري: المغازي، باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، ح ٤٣٣٩، النسائي: آداب القضاء، باب الرد على الحاكم إذا قضى بغير الحق، ح ٥٤٠٧، المسند: ٢/ ١٥١، المغازي للواقدي: ٣/ ٨٨١، ٨٨٢، السيرة لابن هشام ٤/ ٧٢ - ٧٤، طبقات ابن سعد: ٢/ ١٤٨).
(٢) فيما رأيناه في كتب الأحناف فإنّ أبا حنيفة رضي الله عنه لا يرى بأساً ببيع بناء مكة، ويكره بيع أرضها، وكذا إجارة بيوتها في الموسم من الحاج والمعتمر. (ر. مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٦٦ مسألة: ١١٤٦، مختصر الطحاوي: ٤٣٩، الجامع الصغير: ٤٨١، بدائع الصنائع: ٥/ ١٤٦، تكملة فتح القدير: ٨/ ٤٩٥).