عليه طَلِبة. ثم تصرفوا في النصين، وقالوا: من أصحابنا من نقل وخرّج، وجعل المسألتين جميعاً على قولين: أحدهما - أنه لا طلبة على المستقرض، ولا طلبة على الزوج.
والقول الثاني - أنه تثبت الطلبة على من التحق بنا بأمان أو ذمة أو إسلامه.
وهذا الذي أطلقوه لا يصفو على ما أحب وأوثر إلا بمزيد شرحٍ وبيان. فنقول: إذا نكح حربي حربية على مهر يصح مثله في الإسلام، ثم أسلم، فلا خلاف أن الزوجة تطالب زوجها بمهرها المسمى، وإن التزم المهر حربي لا تجري عليه أحكامنا لحربية لا حرمة لها، لم يكن التزام الحربي كالتزام المسلم؛ فإن المسلم من أهل عقد الأمان للحربي، ويصح تخصيص الأمان بمال، وعلى هذا تخرّج المعاقدات التي تجري بين المسلم، وبين الحربي، وهذا متصور فيما يجري بين الحربيين، ولكن أجمع الأصحاب على أنهما إذا أسلما، فحكم العقد مستدام [فيهما](١)، ومن استدامته
توجهت الطلبة بموجبه وعهدته. ومسائل نكاح المشركات خارجة على هذا القانون.
كذلك إذا بايع كافرٌ كافراً ثم أسلما، والثمن المذكور مما يصح طلبه، فلا شك أن الطلب يتوجه، وكذلك إذا أسلم المستحَق عليه ثم أسلم المستحِق، فالأمر على ما وصفناه، وإن ترتب الإسلام.
١١٤١٨ - فأما إذا التزم حربي لحربي، ثم أسلم الملتزم، فتصوير الطلب من الحربي فيه بُعْدٌ، وقولنا يجب على هذا الذي أسلم أن يبذل ما التزمه، مع أن الإسلام يجُبّ ما قبله، وقد جرى الالتزامُ والملتزمُ حربي، فيعسر توجيه الطلب، وهذا منشأ القولين.
ثم إن أوجبنا، فالتعبير عنه أن ينزل المسلم على دوام العقد منزلة المسلم حالة ابتداء العقد. فإن قيل: ذلك المسلم من أهل عقد الأمان. قلنا: نعم، ولكن لو أسلما، لا خلاف أن العهدة تبقى بينهما للأصل الذي مهدناه قبلُ من قضاء الشرع باستدامة العقد.