للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إن عَظُم سقوطُ موجب الردّة على إنسان، عورض بالرّدة بذكر الله تعالى بالسوء، وما ذكره الصيدلاني من بقاء ثمانين جلدة تعرض منه لقياس جزئي في الفقه، وليس هذا موضعه، والدليل عليه أنه لو لم يتب، للزم أن يجلد، ويقتل: الجلد لقذفه والقتل لردته، هذا منتهى المراد في ذلك.

١١٤٧٢ - قال شيخنا: من كذب عمداً على رسول الله صلى الله عليه وسلم كفر، وأريق دمه، أما التكفير بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فزلّةٌ عظيمة، ولم أر ذلك لأحد من الأصحاب، وإنما ذكرت ذلك لأنه [كان] (١) لا يخلي عنه الدرسَ إذا انتهى إلى هذا المكان، وقد ورد خبر يعضد ما ذكره من إراقة الدم: " روي أن رجلاً انطلق إلى طائفة من العرب وأخبرهم أنه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأكرموه، ثم وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم [وأخبروه] (٢) بأمره فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله إذا رجعوا إليه "، وفي الحديث أنه قال: " وما أراكم تدركونه، فلمّا رجعوا ألفوه هالكاً قد أهلكته صاعقة " (٣) ووجه التعلّق بالقصة من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله.

ونحن نقول: أما التكفير، فهفوة. وأما القتل، فلا وجه له أيضاً، والوجه حَمل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على معرفته بأن ذلك الرجل كان منافقاً، ولا وجه لإثبات كفرٍ لا أصل له، ولا لإثبات قتلٍ لا مستند له.


(١) زيادة من (هـ ٤).
(٢) في النسختين: " وأخبرهم ".
(٣) حديث قَتْل الرجل الذي ادعى أنه رسولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه البغوي في معجمه من حديث بريدة، ومُسدد في مسنده من حديث محمد بن الحنفية، ورواه أحمد، والطبراني.
قال الحافظ بعد أن ذكر الطُّرق: " وادعى الذهبي في الميزان أنه لا يصحّ بوجه من الوجوه.
ولا شكّ أن طريق أحمد ما بها بأس، وشاهدها حديث بريدة، فالحديث حسن " ا. هـ (التلخيص: ٤/ ٢٣٢ ح ٢٣٢٠، خلاصة البدر المنير: ٢/ ٣٦٤ ح ٢٦١١).
هذا ونقل الحافظ في التلخيص عبارة الإمام قائلاً: قال إمام الحرمين: " هذا محمول على أن الرجل كان كافراً ". والإمام -كما ترى- حمل الأمر بقتله على أنه كان منافقاً.