للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المأخوذ منهم ظاهراً حطٌّ للصغار المعتبر، والأمر في ذلك مفوّض إلى رأي الإمام.

ولو أراد أن يأخذ منهم نصفَ الصدقة، وألفاه زائداً على الجزية، فلا شك في جوازه، وإن كان قدرَ الجزية، فالذي ذكره الأصحاب الجواز، وما أشرنا إليه من ترديد الرأي في ملاحظة إبقاء الصغار عليهم جارٍ هاهنا.

والباب عريٌّ عن الفقه؛ فإن حاصله يؤول إلى أن المأخوذ جزية، فينبغي ألا ينقصَ عن الأقل المعتبر، وإن زاد، قبلنا الزيادة.

١١٤٩٦ - ثم إذا جرى للإمام تضعيفُ قدر الصدقة عليهم، فللأصحاب تصرف في معنى التضعيف راجعٌ إلى التنازع في فحوى الصيغة، وإذا لم يكن مطلوب الباب فقهاً، فلا مبالاة.

ونحن نذكر الآن ما ذكره الأصحاب في معنى التضعيف، فإذا قال الإمام: ضعّفت عليكم الصدقة، فمعناه: ضعَّفتُ عليكم قدرَ الصدقة، وكل ما يجب في مال المسلم يؤخذ ضعفه من مال الكافر، فنأخذ بدل البعير بعيرين وبدل الشاة شاتين، وعلى هذا القياس يجري معنى التضعيف، فنأخذ من خَمسٍ من الإبل شاتين، ومن عشر أربعَ شياه، ونأخذ من خمس وعشرين بنتي مخاض، ولا نقول نأخذ منها حِقة نظراً إلى نصاب الحِقة؛ فإن معنى التضعيف هذا الذي ذكرناه، وكذلك نأخذ من عشرين ثماني شياه، لا بنت لبون، ومن ستين من البقر أربعة أتبعة.

ْوالأصل أن معنى التضعيف يحمل على [ما يجب] (١)، ولا يحمل على الترقي بالسن؛ فإنا ذكرنا أن مطلوب هذا الباب يرجع إلى معنى اللفظ، فلو أخذنا من خمس وعشرين حقة، لم يسمّ هذا تضعيفاً للصدقة، وإنما هو [تضعيف لقدر المال] (٢) والأخذ بحسبه، ونأخذ من مائتي درهم عشرة دراهم، ومن عشرين ديناراً ديناراً، ومن الزرع المسقي بالسماء خمساً، ومن الزرع المسقي بالنضح عشراً، وإن ملك


(١) في النسختين: " ما يحسّ ". والمثبت تصرف من المحقق على ضوء المعنى، وعبارة الغزالي في البسيط.
(٢) في الأصل: " تقرير تضعيف المال ".