ذكرت في عقدٍ، والجزيةُ فيه بمثابة العوض، والضريبة الموظفة على المعاهد ليست في عقد، فإذا بذل لسانُه بمزيد، فيظهر ألا يلزمه الوفاء به، ويلزم العشر؟ اتباعاً للقضاء.
ويجوز أن يقال: يلزم الزائد على العشر بالالتزام؛ فإن الجاري مع المعاهد أمان، وإن لم يكن ذمةً مؤبدة، وكأنا لا نؤمنهم ليحصّلوا أغراضهم من تجاراتهم إلا بمال، كما لا يقر أهل الذمة في خِطة الإسلام إلا بالجزية. هذا قولنا في الزيادة على التضعيف.
١١٥٠١ - فإن قيل: إنما فعل عمر هذا مع العرب لما أنِفوا من التصريح بقبول الجزية، فهلا قلتم هذا يختص بالعرب حتى لا يجوز مثلُ ذلك مع العجم؟ قلنا: قد ذهب إلى هذا بعض أصحابنا اتباعاً لعمر، وهذا ليس من ثمرات الفقه المحض، وإنما هو أمر سياسي، والذي ذهب إليه جماهير الأصحاب أن ذلك يجوز في العجم، كما يجوز في العرب، وهذا التردد سببه انحطاط الصَّغار، وهو قريب مما قدمناه من تردد الأصحاب في أن التوكيل في أداء الجزية هل يجوز أم لا؟ ولا يبعد أن يتخصص العرب بمزية عن العجم، وهذا كما أن الرّق يجري على العجم قولاً واحداً، وفي جريانه على العرب قولان.
١١٥٠٢ - ثم أعاد الأصحاب في هذا الباب أصلاً قدمنا تمهيدَه، فقالوا: تُقابل الصدقات بالرؤوس، فإن كانوا أغنياء، اعتبرنا لكل رأس ديناراً، وإن كانوا منقسمين منهم الفقراء، فإن أخرجوا عن أنفسهم وعن الفقراء ديناراً ديناراً، وبلغت الصدقة هذا المبلغ أقررنا الفقراء، وإن بلغت الصدقة ما على رؤوس الأغنياء، ففي تقرير الفقراء الكلام المفصّل فيما مضى، ويتعلق بذلك أنهم أدَّوا عن الفقراء، فلا بد من تقدير الضرب على الفقراء وصدر الأداء عن إذنهم.
وما ذكره العراقيون أنهم قالوا: إذا قابلنا الصدقة بالرؤوس فوفت بالدنانير، أو زادت، فلا كلام، وإن كان يعسر علينا هذا التقدير في كل سنة، ولكن غلب على ظننا وفاء الصدقة بالدنانير، فهل نقنع بغالب الظن، أو نرد الأمر إلى التحقيق؟ ذكروا