عن المهادنة التي كان الغرم من حكمها، وهذا يقوَى بضعف طريق القياس في هذا الغرم، ونص الكتاب ليس متناولاً لهذه الصورة. هذا قولنا في المغروم.
١١٥١٧ - نوع آخر: إذا قال الزوج قد سقتُ مهرها، وذكر قدر ما ساق، فلا نغرم له بمجرد قوله شيئاً؛ فإن المسلم العدلَ الرضا إذا ادّعى، لم يثبت له بمجرد الدعوى ما ادعاه، وإن شهد للكافر عدلان مسلمان على أنه ساق ما ادعاه إليها، غرمنا له، وإن أقرت المرأة المهاجرة فقد قال العراقيون: إقرارها بمثابة البينة واعتلّوا بأنا لو طالبناه بالبينة، والذي جرى من السَّوق بزعمه كان بين أظهر الكفار، ويعسر تقدير تحمل مسلمَيْن الشهادة على ذلك، فيُفضي ردُّ إقرار المرأة ومطالبة الزوج بالبينة إلى التعطيل.
وهذا الذي ذكروه في الإقرار لست أراه كذلك؛ فإن قولها ليس حجةً علينا، وليس من الأقارير التي تُقبل لانتفاء التهمة عنها كإقرار العبد بالسرقة ونحوها مما يوجب عليه عقوبة، وإذا كان كذلك، فلا وجه لقبول قولها. والعلم عند الله تعالى.
هذا نجاز الأصول التي تجب رعايتها في هذا الفصل، ونحن نلحق بما ذكرناه فروعاً تأتي على الأطراف التي شذت في ضبط الأصول، ثم نستفتح أصلاً آخر متصلاً بهذه القاعدة.
فرع:
١١٥١٨ - إذا جاءتنا مسلمة وكان طلقها زوجها طلاقاً رجعياً، فجاءت إلينا في عدة الرجعة، وتبعها الزوج، فقد نقل الرواة عن الشافعي أنه قال: " إذا جاء الزوج مطالباً، فلا نغرم له شيئاً ما لم يراجعها، وإذا راجع، لم نغرم له بمجرد الرجعة [ما لم يطلبها](١)، ولا بُد من اجتماع الأمرين الرجعة والطلب، وخرّج المحققون قولاً آخر، ورأوه القياس، فقالوا: يستحق المهرَ بمجرد الطلب من غير رجعة؛ لأن رجعة الكافر للمسلمة فاسد، كما أن نكاح الكافر للمسلمة فاسد، فلا معنى لاشتراط فاسد.
وعندي لا يتوجه النص إلا بأن نقول: لا يتحقق من الزوج توجيه الطلب، ما لم يراجعها؛ فإنه إذا طلب وتركها، فهو في حكم المعرض عنها، فإنها إلى البينونة