للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قيمة الصّيد مزمَناً أو مجروحاً الجرحَ الأول، وهذا واضح.

ولكن استدرك صاحب التقريب دقيقةً لم يقصِّر في التنبه لها والتفريع على أن الفساد محال على الثاني، وذلك أنه قال بعد حكاية قول الأصحاب: الفسادُ وإن كان مضافاً إلى الثاني بموجب قول الأصحاب: إنَّ الصَّيد لو كان يساوي غير مزمَن عشرة، وكان يساوي مزمَناً تسعة، فالتسعة تجب على الرامي الثاني؛ فإنَّه المفسد.

وهذا فيه مستدرك؛ من جهة أنا وإن كنا لا نستعمل الجرح الأول في حساب الإفساد، فيجب أن نستعمله في تقدير الذبح؛ فإنا لا ننكر أثره في حصول الموت، والصيد المزمَن لَوْ لم يمت، كان يساوي تسعة، ولو مات بالجرح الأول ذكياً حلالاً، فربَّما كان يُساوي ثمانية، فيجب أن نقول: أما الثمانية، فعلى الثاني، وأما الدرهم الآخر، فبين الأول بتقدير الذبح وبين الثاني، فيجب أن يهدر نصف درهم لما يقتضيه الذبح من حط القيمة، فيجب على الثاني ثمانية ونصف.

وهذا حسن بالغ، ولكن للنظر فيه مجال؛ فإنَّ المفسد يقطع أثر الذبح، ويرفعه من كل حساب، والمسألة محتملة، والأوضح ما ذكره صاحب التقريب وإن أحلنا الفساد على الثاني. فهذا منتهى التفريع.

وإن وزّعنا -والرأي عندي أن نقطع بالتوزيع- عند تقصير الأول في الذبح، كما اقتضاه التفصيل. ثم إذا وزعنا، فالأول مالك مُفسد على نفسه، والثاني أجنبي متلف، فإذا قيل لنا: كيف التوزيع؟ قلنا: المسألة في هذا المنتهى تضاهي العبد يجرحه مالكُه، ثم يجرحه بعده أجنبي، ويموت العبد من الجرحين، وفي كيفية التوزيع خمسة أوجهٍ، قدمنا ذكرها.

هذا منتهى البيان في مسألة الكسر لم نغادر فيها ممكناً عندنا، وسنلحق بها مسائل مقصودة في أنفسها، وهي تهذب ما قدمنا ذكره في المسألة المتشعبة.

وقد رأيت للعراقيين في مسألة العبد التي ذكرناها في مقدمة كَسْر الصيد مسلكاً في رجوع الجاني الأول على الجاني الثاني بنصف الأرش بعد تقدير تمام الأرش عليه، لم أُحب ذكره، فإني لم أرَ له ضبطاً من جهة التعليل، وقد جرت مسألة الكسر بيضاءَ نقية، فالوجه الاكتفاء بما ذكرناه.