للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لا يمنع الإجزاء. نعم، إن كان هذا المرض بيّناً، فالمنع بسبب المرض، وإن أفضى إلى عجف بيّن، امتنع الإجزاء للعجف، ولفظ الأئمة المعتبرين أن الأصح أن سقوط الأسنان لا يمنع الإجزاء، وهذا تشبيب بذكر خلاف، وقطع بعض المصنفين بأن سقوط الأسنان لا يمنع الإجزاء، فأما إذا سقط سن أو سنّان لا (١) يمتنع الإجزاء، ولو كان ما ذكره هذا الرجل مذهباً معتبراً، لقلنا في ضبطه: ما يؤثر في تعذر الرعي والاعتلاف، فهو المؤثر.

ولكن في ذلك سرٌّ يجب التنبُّه له وبه يتهذّب الفصل، فالأمر البيّن المعنوي العجفُ البيّن؛ فإن اللحوم مقصودة من الضحايا، والغالب على الأوصاف الأُخر -وإن ضممناها إلى العجف- التَّعبّدُ، ويشهد لهذا ما ذكرناه من هواجم الأمراض والتكسر مع تصوير تعجيل الضحية (٢)، وليس لساقطة الأسنان ذكر، حتى نتبع الشارعَ فيه تعبداً، فليس إلا رَدُّ الأمر إلى العجف، ولم يتصل ما نحن فيه بالقسم الثاني، وهو الاستحسان والاستشراف، فكان الأصح إخراج سقوط الأسنان عما يؤثر في الإجزاء، ومن شبب بخلاف فيه من غير اشتراط إفضائه إلى العجف، فهو ذهول منه عن مأخذ الكلام؛ إذ متعلق هذا القائل التشبيه بالعرج وما في معناه، وليس هذا من مواقع القياس؛ فإن اعتبار المعنى متقاعد، والغالب إذا تقاعد المعنى اعتبار الأشباه الخلقية.

فهذا منتهى الكلام فيما أردناه، وإذا مهدنا مضمون القسمين، ألحقنا بكل قسم مسائل تليق به، إن شاء الله.

١١٥٩٦ - وقد حان أن نتكلم فيما نراه في قسم الاستشراف، فلتقع البداية بالشَّرقاء والخَرْقاء، وما في معناهما، فنقول: أولاً المصطلمة الأذن لا تُجزىء وكذلك إذا


(١) سقطت الفاء من جواب (أما).
(٢) المعنى أن الضحية إذا كانت سليمة من جميع العيوب مستكملة جميع الصفات، ثم عندما هممنا بالتضحية وذبحها هاجمها مرض أو انكسرت رجلها، فلا تجزىء حينئذ مع أن المرض أو كسر الرجل لم ينقصها شيئاً، فدل ذلك على التعبد.