ولم يختلف الأصحاب في إجزاء الثنيّة من المعز وإن كانت عديمة الإلية في جنسها وهذا يكاد يقطع عذر من يمنع الإجزاء في الشاة العديمة الإلية في جنسها، ولكن الخلاف مذكور فيها، وكان شيخنا أبو محمد إذا روجع في الفرق بين الشاة العديمة الألية وبين الثنية من المعز يقول: صح عندنا أن شحم المعز يخلف ألية الضان، وبين الجنسين تفاوت بيّن لا ينكر في هذا المعنى، وإذا كانت الضانية عديمة الألية، فالشحم منها كالشحم من صاحبة الألية وهي فقيدة الألية.
وعندي أن الفقيه لا يلتفت إلى أمثال هذا، فالوجه القطع بإجزاء الفقيدة الألية في جنسها، والعلم عند الله تعالى.
وأما ما يتعلق بالقرن، فلا أثر له في المنع من الإجزاء: فالجمَّاء خلقةً مجزيةٌ، وكذلك الجلحاء والعقصاء وهي المكسورة القرن (١)، فلا يتعلق بالقرن غرض معتبر، فإن القرن لا يعنى للأكل، ولا تعويل عليه في الاستشراف، وقد بان أن الغرض الأظهر من الأذن يؤول إلى اللحم.
والصغيرة الضرع مجزية، وكذلك الصغيرة الألية، وإذا قطع ضرع الشاة، فللأئمة تردد: منهم من ألحقه بقطع الألية، وفيه التفصيل المقدم، ومنهم من قطع بالإجزاء، فإن لحمة الضرع قريبة الشبه من الخُصية في معنى أنها لا تعنى بخلاف الألية، وإنما مثار الخلاف في الضرع مع حصول الوفاق في الخُصية من قِبل أن سلّ الخُصية مقصود لتوفير اللحم وتطييبه، وهذا لا يتحقق في الضرع، والأذن يؤثر قطعها بلا خلاف، وإن كان غضروفاً غير معدود من أطايب اللحوم، ولكن لا يلفى فقيده في الجنس الغالب والضرع يلفى فقيداً في غير الأنثى.
ونذكر وراء هذا مسألة ثم ننظم بعد ذكرها مراتبَ، فإذا اقتلع الذئب قطعةً صالحةً من فخذ الشاة، وظهر النقصان البيّن، فهذا مانع من الإجزاء وكذلك الأعضاء التي لا تخلو البهيمة عنها.
(١) فسّر العقصاء بالمكسورة القرن، والمنصوص في المعاجم (اللسان والمصباح والمعجم) أنها التي التوى قرناها حول أذنيها. أما مكسورة الخارج فهي (القصماء) ومكسورة القرن الداخل هي (العضباء) (ر. اللسان).