للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مخصوصة بالذكر في كتاب الله، معدودة من الشعائر، وإذا ذكرنا البدنة في بعض الكفارات في المناسك صادفنا ذكرها مُصدَّراً، والبقرة بعدها، والسبع من الغنم بعد البقرة، وإن كنا قد نحمل هذا على التخيير.

١١٦٠٠ - قال الشافعي في كتاب الحج " الأنثى أحب إلي من الذكر " (١) وإنما قال هذا في القرابين والهدايا، وقد تردد أصحابنا في هذا النص، فقال قائلون: إنما ذكر هذا في إجزاء الصيد عند تقويمنا الحيوان للرجوع إلى مقدار قيمتها من الطعام، والأنثى أكثر قيمة، وقال قائلون: أراد الأنثى التي لم تلد، فهي أولى من الذكر؛ لأن لحمها أرطب، وإنما يذهب الطيب من الأنثى إذا ولدت، وكذا من الذكر إذا أكثر النزوان، وإنما عمّ في الناس تفضيل الذكر على الأنثى في الطيب، لأنهم يعتادون أكل لحوم الخِصيان، ولحومها أطيب.

والوجه عندنا تقديم الذكر على الأنثى من طريق الأولى، وحمل نص الشافعي على التقويم، كما قدمناه، ثم لا ينبغي أن يُعدّل الشيء إلا بما يساويه، فالفحل الذي أكثر النزوان لا يقاس بالأنثى الرخْصة الرطبة التي لم تلد، ولكن يعتبر بالتي ولدت؛ فإن النزوان في الذكور كالولادة في الإناث، وإذا فرضنا ذكراً لم ينزُ وأنثى لم تلد، فالذكر أولى، وهذا مستبين في العرف، وما يشار إليه من رطوبة الأنثى ليس أمراً يحس ويُبالَى به، وفي الحديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحَّى بكبشين أملحين " (٢) والأملح الأبيض، وفي بعض الأحاديث " أنه صلى الله عليه وسلم قال: لَدَم عفراءَ أفضل عند الله تعالى من دم سوداوين " (٣) والرجوع في هذا إلى التعبد المحض.

وروي: " أنه صلى الله عليه وسلم ضحّى بكبشين يمشيان في سواد، ويأكلان في


(١) ر. المختصر: ٢/ ١١٠.
(٢) حديث " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين " متفق عليه (البخاري: الحج، باب من نحر هديه بيده، ح ١٧١٢. مسلم: الأضاحي، باب استحباب الأضحية، ح ١٩٦٧).
(٣) حديث " لدم عفراء أفضل ... " رواه أحمد، والحاكم، والبيهقي من حديث أبي هريرة (ر. المسند: ٢/ ٤١٧، المستدرك: ٤/ ٢٢٧، البيهقي في الكبرى: ٩/ ٢٧٣، التلخيص: ٤/ ٢٥٩ ح ٢٣٨٧).