للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عندي لا معنى له؛ فإن ما يُوقعه من التضحية يكون أداءً، ويتصوّر من الرجل أن يتقرّب بأضاحيَّ في نوبة واحدة، فلا يكاد ينقدح معنى القضاء فيما هذا سبيله، وإذا كان الرجل يعتاد صوم أيام تطوعاً، فترك الصومَ، فليس يتحقّق عندي قضاؤه، وكذلك لو أفسدهُ بعد التحرم به؛ فإنَ الّذي يأتي به يكون ابتداء تطوع، والأيامُ الّتي رغَّب الشارع في التطوع بصيامها إذا لم يصمها المرء، فلا معنى بتقدير القضاء فيها، ولو تحرّم بالضوم، ثم أفسده، فقد يتخيّل المرء إمكان القضاء، ولست أراه أيضاً، والعلم عند الله.

والذي بقي من الفصل الكلام في الأضحية المنذورة وأنها هل تتأقت؟ وسنذكر هذا في فصلٍ جامع هو غمرة الكتاب، إن شاء الله تعالى.

فصل

قال: " وأحب ألا يذبح المناسك إلا مسلم ... إلى آخره " (١).

١١٦٠٣ - ذكرنا من هو من أهل الذكاة ومن ليس من أهلها، وأوضحنا أن من يحل مناكحته تحل ذبيحته، وأخرجنا من حكم التجاري (٢) الأمة الكتابية، ثم مقصود هذا الفصل أن المستحب أن يتولى الرجل التضحية بنفسه إن استمكن منها، ولم يستشعر ضعفاً وانخناساً في [المُنّة] (٣)، وإن عجز، فالأولى أن يشهد ضحيته وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابنته: " يا فاطمة اشهدي ضحيتك؛ فإنه يغفر لك بأول قطرة تقطر من دمها " (٤).


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢١٢.
(٢) كذا. والمراد أخرجنا من حكم جريان القاعدة: " من يحل مناكحته تحل ذبيحته " أخرجنا من ذلك الأمة الكتابية، فلا يحل نكاحها، وتحل ذبيحتها.
(٣) في الأصل: " الجثة ". ثم المعنى: أنه إذا استشعر انخناساً، أي انقباضاً ونقصاً في القدرة على الذبح، فليشهد الذبح، ويذبح غيره.
(٤) حديث " يا فاطمة، اشهدي ضحيتك ... " رواه الحاكم من حديث أبي سعيد الخدري، وعمران بن حصين، وعلي. ورواه البيهقي من حديث علي. وقد ضعّف الحافظ سند كل تلك الطرق (ر. الحاكم: ٤/ ٢٢٢، البيهقي: ٥/ ٢٣٩، ٢٨٣، التلخيص: ٤/ ٢٦١ ح ٢٣٩٦).