للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمريء، ثم الأوداج المطبقة بهما، ولا بد من انقطاعهما إذا حصل قطع الحلقوم والمريء بإمرار المُدية على الاعتياد في إمرارها، فإن تكلّف متكلف آلة تهيأ بها قطع الحلقوم والمريء مع ترك الأوداج، فالذبح يكمل عندنا بقطع الحلقوم والمريء.

واعتبر مالكٌ (١) قطع الأوداج مع قطع الحلقوم والمريء.

وقال أبو حنيفة (٢) رضي الله عنه: الأوداج والحلقوم والمريء محل الذبح، فينبغي أن يحصل قطع معظم هذه الأشياء، ولا يشترط أن يقطع الذابح من كل شيء معظمه، ولكنه يعتبر معظم هذه الأعداد فقطْعُ الحلقوم والودجين كافٍ، وقطع الحلقوم والمريء وأحد الودجين كافٍ. هذا أصله.

والاعتبار عندنا بالحلقوم والمري، ولو أبقى الذابح من الحيوان المقدور عليه جزءاً من الحلقوم أو من المريء، فهو ميتة، ولو لم يَبْقَ من المريء إلا مقدارٌ نزرٌ، والحيوان -على القطع- إذا قطع منه الحلقوم والمريء إلا هذا المقدار، فينتهي إلى حركة المذبوح، فالحِلّ لا يحصل إلَاّ بقطع الجميع؛ فإن التعبُّد غالب في الباب، فلزم الاتباع.

ولو أمرّ السكين فويق الحلقوم والمريء ملتصقاً باللّحيين، وأبان الرأس، ولم يقطع الحلقوم والمريء، فهذا ليس بذبح يُحلُّ؛ لعُروِّه عن قطع الحلقوم والمريء، فالذي جاء به قطع الرأس، وهو متعبّد بقطع الحلقوم والمريء.

ومن الأركان المرعية في الذبح أن يحصل فري الحلقوم والمريء، بطريق القطع، حتى لو رمى بندقة إلى عصفورة، فاختطف رأسها، فهي ميتة؛ فإن قيل: قد حصل القطع، فهلا أحللتم؟ قلنا: هذا ليس بقطع، وهو بمثابة ما لو اعتمد رأس عصفورة واقتلعها، والتعبد بالقطع لا بالقلع.


(١) ر. الإشراف للقاضي عبد الوهاب: ٢/ ٩١٢ مسألة ١٨٢١، شرح الخطاب: ٣/ ٢١٠.
(٢) ر. مختصر الطحاوي: ٢٩٥، مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٢٠٩ مسألة ١٣٠٨، رؤوس المسائل: ٥١٦ مسألة ٣٧٥، المبسوط: ١٢/ ١، ٢، البدائع: ٥/ ٤١، تكملة فتح القدير: ٩/ ٤٩٣، ٤٩٤.