ومنها ما يقتضي العلم، ومنها ما يُغلِّب على الظن؛ فإن حصلت علامةٌ مغلّبة على الظن في أن البهيمة لم تنته إلى حركة المذبوح حتى أخذنا في قطع المذبح، فنحكم بالحِل؛ فإن الأصل بقاء الحياة.
فإن غلب على الظن سقوط الحياة قبل الأخذ في قطع المذبح بعلامةٍ [لا نكيِّفها](١)، فنحكم بأنها ميتة، وإن قطعنا الحلقوم والمريء.
وإن استوى الاحتمالان، فالتحريم أغلب؛ إذ ليس التذفيف بأن يُحال على الأول أولى من أن يحال على الثاني، وفي ظن بقاء الحياة قبل الأخذ في قطع المذبح أدنى تردد، وفي كلام صاحب التقريب إشارة إليه؛ التفاتاً إلى مسألة الإنماء.
فهذا غاية البيان في ذلك.
ويخرج مما ذكرناه أنا لا نُبعد تلقِّي ظنٍّ من الحركة، إذا كانت شديدةً، ولكن الذي ننكره اتخاذ الحركة عَلماً في الباب يَثبت الحلُّ بها وينتفي بانتفائها.
١١٦٠٨ - والذي ندعو المحقق إليه ألا ينصّ على جنس من الأعلام، ثم حاله فيما شاهدَ لا يخرج عن درك اليقين، وغلبة الظن، واستواء الأمرين، وقد ذكرنا في كل قسم ما يليق به: فاليقين لا يخفى حكمه، والظن إن غلب في التحريم حكم به، وإن غلب في التحليل، فالظاهر الحكم به، وفيه شيء، وإن استوى الأمران، غلب التحريم، ولا التفات على استصحاب الحياة؛ فإنا إنما نستمسك بالاستصحاب في غير هذا المقام؛ فإن التمسك بالحظر مع وقوع الشك أولى، ولو كان معنا توقيفٌ في التمسك بعلامةٍ، لاتبعناه، فإذا لم يكن، ورُددنا إلى ما نعلم، أو نظن، فلا نستريب في أن الوجه ما ذكرناه لا غير.
وتنخّل من مجموع المذكور أن من الأصحاب من اتبع الحركة عموماً، ومنهم من سلك المسلك الذي ذكرناه، وهو الذي قطع به صاحب التقريب، ولا وجه غيره.
وقد نجز القول فيما يجب الاهتمام به في الذبح المذفف المحلِّل، وفيما لا يكون كذلك.