قال: جعلتها ضحية، فلو تلفت (١)، فلا ضمان؛ فإنه لا مستند لهذا القسم إلى التزامٍ في الذمة، بل تعلق بالمعيّنة حقٌّ، وقد فات بفواتها. ولو أتلفها المضحي أو غيره، التزم القيم، ثم إن كان المتلف أجنبيّاً، لم يلتزم إلا القيمة، وإن كنا لا نجد بها ضحية -ولا يخفى تصوير ذلك على من أراده- ولا نقول: فوّت الجاني ضحيةً، فعليه تحصيل ضحية، لأن الجناية لا تَرِد إلا على محل التقويم، وكونها ضحية يتعلق بالقُربة والقُربة لا تُضمن، ولو كان المتلِف صاحبَ الضحية، فإن وجدنا بالقيمة ضحية من غير زيادة ولا نقصان، فذاك، وإن قصرت القيمة عن ثمن ضحية، فهل على صاحب الضحية أن يبلّغها ثمن ضحية؟ فعلى وجهين: أحدهما - لا يلزمه كالأجنبي. والثاني - يلزمه؛ لأنه التزم التضحية، فعليه الوفاء بها، وقد فوّتها، فعليه تحصيل ضحية.
ونستتم القول في القيمة إذا انتهى الكلام إليها، فإن كانت القيمة ثمن ضحية، فلا كلام، وإن زادت على ثمن ضحية، ولم يجد ضحيَّةً كريمةً بها، فيشتري ضحية، وفي الفاضل وجهان: أحدهما - أنه يُشترى بها شقصٌ من شاة؛ فإن الشاة وإن كانت لا تتبعض في التضحية ابتداءً، فإذا أفضت الحاجة إلى التبعيض فيها، احتمل التبعيض، ثم البعيدُ إثباتُ بعضٍ في الضحية ابتداء. والوجه الثاني - أن الفاضل نصرفه مصرف الضحايا، حتى إن أراد أن يتخذ منه خاتماً يقتنيه ولا يبيعه، فله ذلك، فأما ابتياع بعض ضحية به، فلا، وهذا الاختلاف يقرب من تردد الأصحاب في بعض الصور في الزكاة، حيث تجتمع الحِقاق، وبنات اللبون، فقد تُفضي التقاسيم إلى تقدير صرف فضلٍ من القيمة إلى جزء من الحقاق، أو بنات اللبون، ثم فيه الاختلاف على حسب ما يليق بقاعدة الزكاة.
فإن قيل: إذا كان لا يبعد صرف القيمة مصرف الضحايا، فالبعض من الشاة أقرب إلى الضحية من الدراهم، وليس ذلك كالزكاة؛ فإن للدراهم مدخلاً فيها على الجملة، ويشهد لذلك بَذْلُ الدراهم في الجبران. قلنا: هذا سؤال متجه يقتضي ترتيب الخلاف فيما نحن فيه على الخلاف في الزكاة. ومقتضى الترتيب أن التبعيض