تبرأ، ولا خلاف أنَّ العبد المعين لو مات قبل إعتاقه، فاشتغال الذمة بالكفارة باقٍ، كما كان، والفرق بين مسألة الكفارة وبين ما نحن فيه أنَّ النذر وإن كان التزاماً، فهو تبرّع بالالتزام، فإن قَبِلَ النقلَ إلى عين، كان له وجه على بُعد، والكفارة الواجبة شرعاً لا تحتمل هذا المعنى.
١١٦١٩ - النوع الخامس - في بيان الوقت، وقد ذكرنا وقت الضحية المتطوع بها من غير تعيين ولا التزام، وذكرنا أن دماء الجبرانات في المناسك لا وقت لها من أيام السنة، ومهما وجبت أمكن أداؤها وإقامتها.
ولو قال: جعلت هذه الشاة ضحية، فيتعيّن التضحية بها في يوم النحر وأيام التشريق، كما ذكرنا في المتطوع به.
ولو قال: لله عليَّ أن أضحّي بشاةٍ، فهل تتأقت التضحية بالأيام الأربعة؟ فعلى وجهين: أحدهما - لا يتعينّ لها وقت، كدماء الجبرانات ووجه المشابهة الوقوع في الذمة. ومنهم من قال: يلزمه إيقاع ما التزمه في الأيام الأربعة؛ فإنه التزم ضحية، والضحيّة مؤقتة. ثم إذا قلنا: تتأقت المنذورة المطلقة، فلا كلام، وإن قلنا: لا تتأقت فلو قال: جعلت هذه الشاةَ عن جهة نذري، وفرّعنا على أنّ التعيين يؤثر، فهل تتأقت التضحية، كما لو قال: جعلتها ضحيةً، من غير التزام. فعلى وجهين: أحدهما - أنها لا تتأقت كالمنذورة المطلقة؛ فإنها مصروفة إلى النذر. والثاني - تتأقت تغليباً لحكم التعيين ولا يخفى منشأ هذا.
١١٦٢٠ - النوع السَّادس: في الأكل من لحم الضحية، ونحن نبدأ بتفصيل القول في الأكل من الضحية المتطوع بها بالنيّة، فنقول: أولاً لا خلاف أن للمضحِّي المتطوع الأكلَ من ضحيته، قال الله تعالى:{فَكُلُوا مِنْهَا}[الحج: ٢٨]، وفي الخبر:" فكلوا وائتجروا "(١) معناه اطلبوا الأجر بالتصرف.
ثم قاعدة المذهب أن الأئمة اختلفوا في أن المضحي لو أراد أن يأكل جميع لحم الأضحية، ولا يتصدق بشيء منها، فهل له ذلك؟ أم يلزمه التصدق بشيء؟ فمنهم من
(١) حديث " فكلوا وائتجروا " سيأتي تخريجه بعد قليل.