للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ضيق العناق، وقيل: هو الأصل الطبيعي، والسكين نِفَارٌ (١) منه، والسيف نِفَارٌ من السكين، والرماح نِفارٌ من السيف، وبعدها الرمي.

وأنواعُ القسي ملحقة بالنصول (٢) لا تردد فيها، كالجروخ (٣) والنازك (٤) ورمي المسلات والإبر، ولئن شذت مسألة بالضوابط التي ذكرناها ننبه عليها.

١١٦٥٥ - ونحن نختتم الكلام بسؤال وجواب عنه، فإن قيل: من أدخل من الأصحاب كلّ ما فيه غناء في القتال تحت جواز المعاملة قياساً على المسابقة والمناضلة فكيف اعتذاره عن ضبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقسيمه المُدار بين النفي والإثبات؛ إذ قال: " لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل "؟ وهذا السؤال واقع سيّما على من أجرى الخلاف في المرتبة الثالثة، ثم الممكن فيه أنه أخرج كلامه عليه السلام على الغالب المعتاد، وقصد التنصيص على المعظم من آلات الجِدّ، لنفي (٥) ما عداها من التقامر على الهُزء واللعب، وما لا خير فيه، والعلم عند الله، وقد تمهد الأصل المطلوب، ونحن نعقد بعده فصلاً في السَّبَق ومن يخرجه ومن يستحله.


(١) النفار: النفور والفرار والفزع، والمعنى: أن الأصل في القتال هو الصراع (المصارعة) ثم فزعاً منها كان اللجوء إلى السكين، وفزعاً من السكين كان السيف؛ فهو أبعد عن الخصم، ثم نفاراً من السيف كان الرمح، ثم يأتي الرمي. والغرض من هذه العبارة وهذا الترتيب إثباتُ جواز السبق في المصارعة، فإنها الأصل في القتال.
حمداً لله جل وعلا، فقد رأينا ابن الصلاح في مشكل الوسيط فسر العبارة بهذا التفسير عينه ثم عقبه بقوله: " فاعرف الكلمة (نِفار)؛ فإنها قد خفيت، وصحفت في النسخ بوجوه من التصحيف أضاعت المعنى " ا. هـ (ر. مشكل الوسيط بهامش الوسيط: ٧/ ١٧٦).
(٢) هـ ٤: " بالمنصوص، لا مردّ فيها ".
(٣) الجروخ: من أدوات الحرب ترمى عنها السهام، والحجارة، مشتقة من جرخ، ومعناها الفلك، وتطلق على جميع الآلات التي تدور، كالدولاب والبكرة، وغيرهما، ومنها جرخ بالكردية والتركية (ر. معجم الألفاظ الفارسية المعرّبة).
(٤) النازك: النيزك، وهو الرمح القصير، فارسيٌّ معرّب، وتكلم به الفصحاء في الجاهلية (اللسان، والمصباح، والمعجم) وهي في (ق): (الناوك) وهو أيضاً بنفس المعنى، واستعمله الغزالي في الوسيط.
(٥) هـ ٤: " ليبقى ".