للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكعبة، وصحت صلاتهم، ولذلك سمي المسجد مسجد القبلتين (١).

هذا إذا تبين الصواب والخطأ في أثناء الصلاة.

٧٥٤ - فأما إذا بان يقين الخطأ في الصلاة، ولم يتبين الصواب، فإن عسر العثور على الصواب وطلبه، فتبطل الصلاة قطعاً؛ إذ لا سبيل إلى الاستمرار على الخطأ في الصلاة، والتحول إلى الصواب عَسر. فإن احتاج في الوصول إلى اجتهاد -وقد يطول الزمان فيه- ففي بطلان الصلاة على الجملة في هذه الصورة [قولان، مرتبان على القولين في] (٢) الصورة التي قبلَ هذه، وهي إذا تعين الخطأ والصواب معاً. والصورة الأخيرة أولى بالبطلان؛ والسبب فيه أن في الصورة الأولى تمكَن من الانقلاب إلى جهة الصواب، كما (٣) تعين له الخطأ، وليس كذلك الصورة الأخيرة؛ فإنه تعين له الخطأ، ولم يتصل بتعين الخطأ إمكان الصواب.

فإن قلنا ببطلان الصلاة، فلا كلام، وإن حكمنا بأن الصلاة لا تبطل، فهذا عندي يستدعي تفصيلاً.

وأقرب الأصول شبهاً بما انتهى التفريع الآن إليه، ما إذا تحرم المرء بالصلاة، ثم شك في أثناء الصلاة، في صحة نيته، فقال الأئمة: إن مضى ركنٌ، وانتقل المصلي إلى آخر، والشك مستمر، بطلت الصلاة.

وإن زال الشك قبل مضى ركن، فلا تبطل الصلاة. وهذا من غوامض أحكام الصلاة، وسأذكره في موضعه.


(١) الرواية عن تغيير القبلة وأنه كان في مسجد قباء، في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما (ر. اللؤلؤ ١/ ١٠٦ ح ٣٠٤). هذا. والمشهور الآن بين الناس أن المسجد ذا القبلتين هو مسجد آخر غير مسجد قباء، وهو معروف يزار. فلعل التحول حدث في أكثر من مسجد، ففي الصحيحين أيضاً من حديث البراء: "أن رجلاً صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر، ثم خرج، فمرّ على قوم من الأنصار يصلون إلى بيت المقدس، فقال: إنه يشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه توجه إلى الكعبة، فتحرف القوم حتى توجهوا نحو الكعبة" فلعل هذه كانت في المسجد الآخر المعروف الآن بذي القبلتين. والله أعلم.
(٢) ما بين المعقفين سقط من الأصل.
(٣) "كما" بمعنى (عندما). هكذا يستعملها الإمام كثيراً، ننبه على ذلك أحياناً، ونتركه أحياناً.