للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: قد يتفاوت الفرسان في الفراهة ونقيضِها فإذا وقع التراضي على التعديل بتقدم الفرس الذي هو دون الجواد الفاره، فما المانع من ذلك؟ قلنا: هذا لا يدخل تحت الضبط، وليس من الممكن أن يستبان تفاوت الفرسين بخطوات، فالوجه طلب الضبط بالتساوي في العَيان (١).

١١٦٦٩ - ثم لو كان أحد الفرسين بحيث يغلب (٢) على الظن سبقُه، فلا يجوز إيراد المسابقة مع هذا التفاوت، وقد نص الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك في المحلِّل، فقال: " من أدخل فرساً كفئاً بين فرسين لا يؤمن أن يسبق، فهو حلال " (٣) وإذا تبين أن المحلِّل لو كان بحيث يغلب استئخاره لرداءة فرسه، فليس محلِّلاً، وإن كان يظن أن يسبق؛ إذ لا يبعد سبقُه، فهو المحلِّل، وإن كان المحلل بحيث يَغْلِب لا محالة، بأن كان على جواد من العِتاق والمُسْبِق على بِرْذَوْن لا يُدرك [شأْوَ المحلِّل] (٤)؛ فلا تصح المعاملة؛ فإن هذا العقد مبناه على الخطر، ومن ضرورة الخطر التردد.

قال الشافعي في بعض مجاري كلامه: " التعامل والحالة هذه من باب بذل المال بالباطل " والمراد بذلك أن الغرض المطلوب المخاطرةُ، وشرطها التردد والاحتمال،


(١) هـ ٤: " العنان ".
(٢) هـ ٤: " بحيث لو غلب على الظن ".
(٣) حديث: " من أدخل فرساً بين فرسين ... " رواه من حديث أبي هريرة مرفوعاً أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وقال في البدر المنير: " وأقر البيهقي في خلافياته مقالة الحاكم ". ورواه الدارقطني، والبيهقي في الكبرى، وابن حزم في المحلى محتجاً به.
ورجح ابن الملقن في البدر المنير وقفه على سعيد بن المسيب، نقل هذا عن ابن أبي حاتم، وابن معين، وابن عبد البر. والحديث ضعفه الألباني مرفوعاً وصحح وقفه.
(ر. المسند: ٢/ ٥٠٥، أبو داود: الجهاد، باب في المحلل، ح ٢٥٧٩، ٢٥٨٠، ابن ماجه: الجهاد، باب السبق والرهان ح ٢٨٧٦، الحاكم: ٢/ ١١٤، البيهقي: ١٠/ ٢٠، المحلى لابن حزم: ٧/ ٣٥٤ التمهيد لابن عبد البر: ١٤/ ٨٧، البدر المنير: ٩/ ٤٢٩، التلخيص: ٤/ ٣٠٠ ح ٢٤٨٥، إرواء الغليل: ٥/ ٣٤٠ ح ١٥٥٩).
(٤) في الأصل: " شيئاً والمحلل ".