للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فصل

في اختلاف المواقف

١١٧٠٤ - الرماة يقفون صفّاً في قبالة الغرض، ووضع المعاملة على استوائهم في القرب والبعد من الغرض، ولكن لا يخفى عن ذي الفطنة أن مقابل الغرض على المسامتة الحقيقية أقربُ ممن على يمينه ويساره، وبرهان هذا برسم خطوط من طرفي الصف مع رسم خط من موقف المقابل، ولا شك أن الخطوط تتفاوت، ثم ينضم إليه أن الغرض في حق المقابل أكبر، والمنحرف عن المقابلة يضيق الغرض في حقه، ولكن أجمع الفقهاء والرماة على احتمال ذلك، ولم يشترط أحد أن يتناوب الرماة على الموقف المقابل؛ فإن القيام والقعود عسر، ولو فرض تنافس في المقعد، فهو بحق، وسبيله كسبيل التنافس في البداية، بل التنافس في البداية أهون، والغرض فيها أخفى مما ذكرناه، ثم الفقه يُلحق المواقفَ بالبداية، وقد [تفصّل] (١) القول فيها.

ولو وقع التشارط على أن يكون موقف البعض أقرب حتى يتقدم، وموقف البعض أبعد، فلا سبيل إلى ذلك، كما لا سبيل إلى ذلك في المسابقة، ولو لم يشترطا هذا، ولكن أراد أحدهما أن يتقدم، مُنع، وإن رضي بذلك أصحابه، فإن كان قريباً، فلا بأس، وهذا القدر يحتمل بالرضا، لما قدمته من أن المواقف تقع متفاوتة في صف الرماة لا محالة.

ولو أفرط في القُرب ورضي بذلك مناضلوه، فهذا تفاوت لا يحتمل -وإن جوزنا إلحاق النقصان والزيادة بالعقد- لأن هذا تفاوت يخالف وضعَ العقد، وهو بمثابة ما لو وقع الرضا في أول العقد أوفي أثنائه بأن يفوز بعض المناضلين بتسع قرعات، والمشروط على كل واحد غيرِه عَشْرٌ عَشرٌ (٢). فهذا غير سائغ. نعم، لو رضوا بأن يتقدموا جميعاً وينقصوا من المسافة، فهذا تغيير للعقد على معنى النقصان.


(١) في الأصل: " تفسّر ".
(٢) في (هـ ٤): على كل واحد غيره عشر عسر (بالسين) وفوقها علامة الإهمال، وكلمة (صح) وهذا ما جعلنا لا نحملها على أنها سهو من الناسخ. هذا وجاءت (ق) تؤيد الأصل.