للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كسوة سابغة كالقميص والجبة، وما في معناهما.

١١٧٤٠ - فأما الكلام فيما يمنع الإجزاء من الصفات، فلا اعتبار بالعيوب المؤثرة في المالية التي يُثبت مثلها الردَّ بالعيب، وهذا كما أنا لا نعتبر إعتاق الرقاب في الكفارات أن تكون بريئة من العيوب المؤثرة في المالية، وإنما يعتبر ما يؤثر في العمل تأثيراً بيناً، كما تفصّل في موضعه، فاللائق بما نحن فيه النظر إلى ما يؤثر في الانتفاع؛ فإن الغرض انتفاع المكتسي بالكُسوة مع التمليك.

فلو كان الثوب بالياً، أو موفياً على البلى، لم يجز؛ فإنه قد انسحق وامّحق، وسقط معظم منافعه، وكذلك الثوب المخرق بطول البلى، وإن كان قد انخرق طرف منه بجَذْبةٍ، والانتفاع بالثوب باقٍ قائمٌ، فلا منع، والثوبُ الغسيل إن كان متماسكاً قويّاً لم ينته إلى حدّ الانسحاق، فهو مجزىٌ، نصّ عليه الشافعي والمحققون، ولا يشترط أن يكون الثوب جديداً، ويمكن أن يعتبر بقاء معظم التمتع به، والأسلم أن نقول: ما لا يعد خَلَقاً، فهو المجزىء، فهذا هو المعتمد في الباب.

وإن كان الثوب مرقعاً، فإن كان الترقيع للبلى، فلا إجزاء، وإن كانت الأرقعة متماسكة جديدة؛ فإن أطرافها لا تثبت على ثوب أُنهج (١) بالياً، وستتقطع مواضع الخياطة على قربٍ، وإن كان الترقيع لغرض آخر لا للبلى أجزأت الكسوة، ولو كسا مسكيناً ثوباً لطيفاً مهلهل النسج غير بالٍ في حينه، ولكن مثله إذا لبس لا يدوم إلا دوام الثوب البالي، فيظهر أن نقول: لا يجزىء؛ نظراً إلى الإمتاع والاستمتاع.

فهذا بيان ما حضرنا، وخطر لنا في الكُسوة، والله أعلم وأحكم.

...


(١) أُنهج: من قولك: نهِج الثوب نَهَجاً: بلِيَ وأخلق، فهو نهِج، وأنهجه: أخلقه.
(المعجم).