للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا التردّد خرّج الأصحاب خلافاً في أن الوارث لو أدّى دين المورث وما كان خلف شيئاً، فهل لمستحق الدين أن يمتنع عن قبوله؟ هذا خارج على الخلاف الذي حكيناه.

[ولو لم يخلف مالاً والتمس من وارثه أن يُعتق عنه، أو استدعى من أجنبي] (١) ذلك، ومات، فالذي أطلقه الأصحاب وقطعوا به أنه يصح إيقاع ما أوصى به كما يصح ذلك في حالة الحياة؛ فإن التماس هذه الأشياء بعد الوفاة بالوصاية لا يقطعه الموت، وما ينفذ على سبيل الوصاية في حكم الملحق بما يجري في حالة الحياة، والوصية تتمة معاملات الحياة، فهذا ما أردنا ذكره.

١١٧٤٤ - ومما [أراه] (٢) متصلاً بذلك أن من مات وعليه صوم، وفرعنا على أن الولي يصوم عنه، فقد قال الأئمة: لو أوصى إلى أجنبي حتى يصوم عنه، صح ذلك، ويصير الأجنبي بالإذن بمثابة الوارث، ولو عجز عن الصوم في الحياة عجزاً لا يتوقع زواله، فالتمس من الغير أن يصوم عنه، فقد قال قائلون: بجواز ذلك؟ قياساً على الاستئجار في الحج؛ فإن النيابة لما تطرقت إلى الحج، جاز الاستئجار عليه بعد الموت، وجاز ذلك في الحياة عند العضب، فليكن الصوم كذلك.

وقال قائلون: لا سبيل إلى ذلك في الصوم؛ فإن المعتمد في تجويزه خبرٌ رواه الرواة، وهو مقيّد بما بعد الموت.

وقال شيخي أبو محمد: إذا جوّزنا للأجنبي أن يكفر عن الميت من غير إيصاء، فلا يمتنع أن يصوم عنه أيضاً من غير إيصاء، ولكن الصوم أبعدُ من وجهين: أحدهما - أنه بدني والقُرَبُ المالية تقبل ما لا تقبله القرب البدنية، وأيضا فإن الاعتماد على الخبر، وفيه: " من مات وعليه صوم صام عنه وليه ".


(١) ما بين المعقفين عبارة (هـ ٤)، بما فيها من زيادة وتبديل.
أما عبارة الأصل فقد كان فيها سقط، إذ جاءت هكذا: " ... الذي حكيناه، ولو أوصى بشيء لو لم يخلف ذلك ومات ... ".
وقد جاءت (ق) تؤيد المثبت من (هـ ٤).
(٢) في الأصل: " أردناه ".