للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو حلف العبد وحنث بغير إذن المولى، وكان الصوم يؤثر، فالسيد يمنعه من الصوم، وإن فرضنا المسألة في الأمة، كان له أن يمنعها ويقضي مستَمْتَعه منها.

ولو حلف العبد من غير إذن السيد، وحنث بإذنه، فهل له أن يمنعه من الصوم؟ فعلى وجهين مشهورين مُفرّعَيْن على أن اليمين والحنث لو كانا بالإذن، فلا يُمنع العبد من الصوم، والفرق لائح، ولو كانت اليمين بإذن السيد والحنث بغير إذنه، فالذي ذهب إليه المحققون أن للسيد أن يمنعه من الصوم إذا حنث، والسبب فيه أنه إذا حلف بإذن مولاه على الامتناع من دخول الدار، ودخل الدار من غير إذن، فالذي جاء به مبالغة في مخالفة المولى، فإنه أذن له في أن يمتنع عن الدخول، ويؤكد ذلك باليمين، فإذا دخل الدار مع اليمين، كان أبلغ مما إذا دخلها من غير يمين.

ومن أصحابنا من قال: يجري الوجهان إذا كانت اليمين بإذن المولى، وإن لم يكن الحنث بإذنه؛ فإن اليمين إحدى سبَبَي الكفارة، فإذا صدرت عن إذن المولى، كانت كالسبب الآخر، وهو الحِنث، وقد ذكر الوجهين العراقيون، وصاحب التقريب.

١١٧٤٨ - وكل ما ذكرناه من تفريع التكفير بالمال والصوم مصوّر في حياة العبد، فلو حلف العبد، وحنث، ومات أو استوجب الكفارة بجهة أخرى، فقد قال الأصحاب: للسيد أن يُطعم ويكسوَ عن عبده بعد موته، وإن كان لا يجد إلى ذلك سبيلاً في حياته إذا فرعنا على أن العبد لا يملك بالتمليك، والسبب فيه أن التكفير عنه بالمال موقوف على دخول المال في ملكه، وخروجه عن ملكه، والتكفير بعد الموت لا يستدعي هذا، فانا وإن كنا [نقدر للميت ملكاً، فلا تحقيق له، والميت أبعد خلق الله عن الملك، وكيف] (١) يتحقق له ملك، وهو في حكم المعدوم في أحكام الدنيا؟ ثم جاز التكفير عن الميت بعد موته على التفاصيل المقدمة، فالعبد والحر بعد الموت بمثابةٍ، هذا ما ذكره شيخي وهو الذي قطع به القاضي، وتحقيقُه أن العبد يخرج بالموت عن كونه عبداً، فلا معنى للنظر إلى التفاوت بين الحر والعبد بعد الموت.


(١) زيادة من (هـ ٤).