للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا على خطور المعنى له عند اللفظ، وذهوله عنه لتغاييرَ لحقته من هَيْج وسكون بعده، لا يجوز (١) لما جرى محمل إلا هذا؛ فإن العاقل الفاهم لمعنى اللفظ لا يقصد به إلا معناه إذا لم يضمر شيئاً سواه، فهذا ما أردنا تقديمه على مسائل الباب.

وسنذكر إن شاء الله تعالى قاعدةً أخرى عظيمة الوقع ظاهرة الأثر في صدر بابٍ آخر بعد هذا مترجمٍ بجامع الأيمان أيضاً. وعندي أن من أحاط بالقاعدة، وعرف معنى اللفظ، اكتفى بما ذكرناه وتصدى لما يُسأل عنه من الألفاظ؛ فإن مسائل سائر الكتب تذكر للإيفاء بها على ضبط مقصود الكتاب إذا كان مقصوده فقهاً وحكماً، ولا مطمع في ضبط (٢) ما يمكن تقديره من الألفاظ؛ فمسائل الكتب اللفظية تذكر لتمهيد معاني القواعِد والإيناس بها.

١١٧٥١ - وقد عاد بنا الكلام إلى مسائل الباب: فإذا قال الحالف وهو في دارٍ: والله لا أسكن هذه الدّار؛ فإن فارقها على الفور والبدار، برّت يمينه، وإن سكنها مطمئناً إلى السكون، ولو في ساعة، حنث. واعتبر أبو حنيفة (٣) فيما يحنث به السكون في مدة يوم وليلة، وأمثال هذه التحكمات تشعر [بضجر] (٤) المتكلم بها في محاولة ضم نشر الكلام والتقريب فيه مع خروجه عن الضبط الحاصل.

ولو خرج بنفسه، وخلّف الأهلين [والضِّنَّ] (٥)، والأموال، برَّ؛ فإن اليمين معقودة على ألا يسكن، وقد فارق، ولو سكن، وأخرج المال، والأهلَ، فهو حانث، والتعويل عليه -سكن أو فارق- في البرّ والحنث، ولو قال: والله لا أسكن،


(١) هـ ٤: " يكون ".
(٢) هـ ٤: "ذكر".
(٣) ر. المبسوط: ٨/ ١٦٢، مختصر الطحاوي: ٣٠٨، مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٢٦٧ مسألة ١٣٧٦.
(٤) في الأصل: " بضم".
(٥) الضِّن: ما يضن به (المعجم)، والمراد هنا النفائس. وهي غير مقروءة في الأصل. وفي (هـ ٤): " الضبن " ولم أجد لها وجهاً. وفي (ق): والصبي.