للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تهذيب ألفاظ العقد، واليمين إذا عقدت على قضيةٍ، فلا يتطرق إليها في مثل هذا الموضع الانقسام إلى الصحة والفساد، ووضوح ذلك مغنٍ عن بسطه.

١١٧٧٣ - وألحق القاضي مسائلَ مستفادةً بآخر الفصل منها أنه قال: سئل القفال، وهو يتكلم على العوام (١) عمن حلف بطلاق زوجته لا يأكل البيض، فلقيه إنسان، وفي كُفه [شيء] (٢) فقال: إن لم آكل مما في كم فلان، فامرأته طالق، وكان في كُمه بيض، فما الحيلة في ألا يقع طلاقه؟ فتفكر ولم يحضره الجواب، فلما ترك، قال المسعودي من تلامذته: الوجه جعل ذلك البيض الذي في كُم ذلك الرجل في القُبَيْطاء (٣) ثم يأكله، ولا يقع الطلاق؛ لأنه عقد اليمين الثانية على الإبهام، واكتفى بالإشارة من غير تسمية؛ إذ قال: إن لم آكل مما في كُمه، فإذا جعلت البيض في القبيطاء، فقد أكل ما في كمه، ولا معوّل على تغير التسمية؛ فإنه أشار إلى ما في الكم، ولم يسمّ، وهذا بيّن.

ومما ألحقه أنه إذا قال: لا ألبس ما غزلته فلانة، انصرف ذلك إلى ما غزلته في الماضي، فلو غزلت في المستقبل، لم يتعلق الحنث به، ويحنث بلبس ما نسج من غزلها الماضي، سواء غزلته للغير بأجرة، أو غزلته لنفسها، فالتعويل على الغزل لا غير، ولو حلف لا يلبس من غزلها، ولم يذكر فعلاً موضوعاً للماضي والمستقبل، فاسم الغزل ينطلق على ما غزلته، وعلى ما ستغزله في المستقبل، ولو قال: لا ألبس مما تغزله، انصرف هذا إلى المستقبل، ولم يدخل تحت اليمين ما غزلته بالزمان الماضي، وإذا قال: لا ألبس من غزلها، فلبس ثوباًً خيط بخيوط غزلتها، لم يحنث، هكذا قال القاضي، ووجهه بيّن؛ فإن الخيوط لا حظ لها من اللُّبس في الاسم.

ولو كانت المسألة بحالها، فقال: لا ألبس من غزلها، فلبس ثوباًً لُحمته من


(١) يشير إلى أن مثل هذه الأيمان بالطلاق تكون من العوام والدهماء.
(٢) في الأصل: بيض. والمثبت من (هـ ٤) و (ق).
(٣) القُبَّيطى: بضم القاف وفتح الباء مشددة، فيقصر، وتخفف، فيمدّ (القبيطاء) وهو نوع من الحلوى، ويسمى الناطف.