يجمع القول في الإكراه والنسيان الواقعين حالة الحنث
١١٧٧٥ - فنقول: عماد الحنث ثلاث صور، والمسائل بعدها ملحقة بها، فإذا حلف لا يدخل داراً، فحمل مكرهاً، وأدخل الدار، فالمذهب الذي قطع به المعتمدون أنه لا يحنث؛ لأن الذي جرى لا يُسمى دخولاً، وليس هذا من صور الإكراه، بل هو من باب عدم الحِنْث صورةً؛ إذ لا يُسمى ما وجد به دخولاً، وإنما هو إدخال، وينتظم النفي والإثبات فيه؛ فإنه يقال: فلان ما دخل بل أُدخل.
وذكر صاحب التقريب عن بعض الأصحاب مسلكاً بعيداً في تخريج هذه الصورة على قولي الإكراه، واعتل هذا القائل بان قال: لو أَمَر حتى حُمل وأُدخل، حَنِث، فاستبان أن هذه الصورة ملحقة بالدخول مشياً في حالة الاختيار، وكل صفة تقتضي الحنث وحَلَّ اليمين لو صدرت عن اختيار، فإنها تقتضي الخروج على القولين لو اقترن بها الإكراه.
وهذا الذي حكاه بعيد، وفيه غفلة عن مُدرك المعنى، وذلك أنه إذا أمر حتى حمل وأدخل، فهذا في الحقيقة ليس دخولاً، ولكن غلب في العرف والصورة هذه النظرُ إلى المقصود، وهو الحصول في الدار، وكثيراً ما يميل العرف الغالب إلى المقصود، فإذا حمل مكرهاً، فلا قصد له حتى نجعل الدخول في الدار مقصوده، ولم يوجد منه فعل، فاليمين في ظاهرها معقودة على الفعل، فالوجه القطع بما قطع الأصحاب به، وإذا حمل بإذنه، فهذا بمثابة ما لو ركب دابّة ودخل الموضع المحلوف عليه راكباً، فحركات الدّابة مضافة إلى الراكب، فلو حمل من غير أمره وأدخل، ولكنه كان قادراً على أن ينسلّ ويتراخى ويزجر الحامل، فسكت، فهذا فيه تردد ظاهر للأصحاب: ألحقه الأكثرون منهم بحالة الاختيار والأمر؛ فإن الحال يشعر برضاه، والمتبع صدور الحصول في الدار عن الرضا، ومن أصحابنا من ألحق هذه الصورة بما إذا حمل مكرهاً. هذه صورة.