للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واسترسال. ثم قد تجري العلوم، فيبقى الذهول في أواخر الأمور عن أوائلها، فلا تتوجّه النية إلى الموصوف كما ينبغي. فإن انضم إلى ذلك التلفظُ بشيء آخر سوى المنوي -كالتكبير في حال التحرم- تناهى العسر من اجتماع هذه المختلفات.

فقد نصصنا على ماهية النية، وأوضحنا أنها لا تترتب في نفسها، وذكرنا ما يطرأ فيها من عسر (١)، وسنبين غرضنا الآن إن شاء الله تعالى.

فنقول بعد ذلك: الكلام في

ثلاثة فصول:

كلام في وقت النية، وكلام في كيفية النية، وكلام في محل النية.

[فصل]

[في وقت النية] (٢)

٧٧٢ - فأفا وقت النية، وهو أغمض الفصول، فليعتنِ الناظر به، ونحن ننقل مقالات الأصحاب فيه مرسلاً، ثم ننبه على مُدرك الحق إن شاء الله تعالى:

فمن أئمتنا من قال: ينبغي أن تقترن النية بالتكبير وينبسط عليها، فينطبق أولها على أول التكبير، وآخرها على آخره. وهذا ما كان يراه شيخنا. وكان يستدل بظاهر نص الشافعي - قال: "نوى في حال التكبير لا قبلها ولا بعدها".

وذهب بعض أئمتنا إلى أنّه يقدم النية على التكبير. وإذا تمّت، افتتح همزة التكبير متصلة بآخر النيّة. ولو قرن النيّة بالتكبير، لم يجز. وذكر العراقيون والصيدلاني أنه لو قدم كما ذكره المقدِّمون، أو قرن كما ذكره الأوّلون، جاز.

ثم ذكر أصحاب هذه المذاهب وجوهَ مذاهبهم مرسلةً، فنذكرها، ثم ننعطف على إيضاح التحقيق إن شاء الله.

فأما الذين شرطوا الاقتران، اعتلّوا بأن العقد يحصل بالتكبير، فينبغي أن يكون القصد مقروناً به، وإن تقدّم القصد ثم جرى التكبير -عَرِيّاً عن العقد- لم يرتبط القصد


(١) في الأصل، وفي (ط): من غير عسر.
(٢) من عمل المحقق.