للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يغير اللغة الشائعة الحقيقية. ولم أر هذا القول لغير صاحب التقريب، ولا عود إليه بعد ذلك.

فإذا قال: لا آكل الرؤوس، حَنِث بأكل رؤوس الغنم، فإنه معتاد بكل مكان، وأطلق الشافعي التحنيث بأكل رؤوس البقر والإبل، وإنما بنى هذا على اعتياد طوائِفَ من الناس أكلَها في بعض البلاد. والذي يتحصل من هذا الفصل بعد حط القول الذي حكاه صاحب التقريب في جميع الرؤوس طرقٌ: أحدها - أن الحنث يحصل برؤوس النَّعم في جميع البقاع، ولا يحصل الحنث بغيرها.

والثاني - حكاه صاحب التقريب أن الحنث لا يحصل إلا برؤوس الغنم؛ فإنها هي المفهومة من إطلاق الرؤوس المفردة على الإطلاق.

والطريقة الثالثة -وهي أعدل الطرق- أن كل بقعة يُعتاد فيها إفراد رؤوس بالأكل، فمطلق اسم الرؤوس فيها محمول على ما يُعتاد في تلك البقعة، حتى لو اعتاد طائفةٌ أكلَ رؤوس الظباء وغيرِها من الصيود -حيث تكثر الصيود-، فإذا أطلق الحالفُ منهم اسم الرؤوس، دخل تحتها ما يعتادون إفراده بالأكل من تلك الرؤوس. هذا قولنا فيهم.

فأما غيرهم من أهل البلاد والقرى إذا كانوا لا يعتادون إفراد تلك الرؤوس التي ذكرناها بالأكل؛ فاسم الرؤوس في أيمانهم هل يتناول تلك الرؤوس التي يعتاد أكلها أهل ناحية؟ فعلى وجهين: أحدهما - أن الاسم في حقهم لا يتناولها اعتباراً بعادتهم.

والثاني - اسم الرؤوس في حق الكافة (١) يحمل في الإطلاق على الرؤوس التي يأكلها أهل ناحية. والترتيب للعراقيين، استاقوه كذلك، وهو حسن.

والوجهان مأخوذان من الخلاف فيه إذا حلف القروي لا يدخل بيتاً، فدخل الخباء والخيام، ووجه التقريب لائح؛ فإن اسم البيت حقيقة في وضع اللسان للخيام والأخبية، وقد جرى بذلك عرفٌ على حسب اللسان، فإذا استعمل أقوام اسم البيت، وهم لا يساوون أهل اللسان في عرفهم، فينشأ الخلاف المقدم، كذلك اسم الرؤوس


(١) في (ق): "الله".