وأمّا التعرض لفرضية الظهر، فقد اختلف أصحابنا فيه: فمنهم من لم يشترط، واكتفى بالتعيين؛ فإن النيّة إذا تعلقت بالظهر، فالظهر لا يكون إلا فرضاً. ومنهم من شرط التعرض للفرضيّة؛ فإن المرء قد ينوي الظهر، فيقع نفلاً؛ بأن كان أقامه في انفراده، ثم يدرك جماعةً، فيقيمها مرة أخرى.
وقد ذكر العراقيون في ذلك تقسيماً، فقالوا: من العبادات ما لا يشترط فيه التعرض للفرضيّة وجهاً واحداً، كالزكاة، فإذا نواها من لزمته، ولم يتعرض للفرضيّة في النيّة أجزأته؛ فإن اسم الزكاة لا يطلق إلا على المفروض، وما يتطوع المرء به يسمى صدقة، فإن أجرى ذكرَ الصدقة، فلا بد من تقييدها بالفرضية. وكذلك الكفارة إن جرت في الذكر، كفت عن الفرضيّة. وإن نوى الإعتاق، فلا بد من تقييده بالفرضية، التي تحل محلّ الكفارة.
والحجّ والعمرة والطهارة فلا حاجة إلى تقييدها بالفرضية أصلاً. والصلاة والصوم، إذا عُيِّنا -فجرى ذكر الظهر، أو صوم رمضان- ففي اشتراط ذكر الفرض الخلافُ الذي اذكرناه.
وإذا نوى الناوي الصلاةَ وعيّنها، فهل يُشترط إضافتها إلى المعبود بها، مثل أن يقول: فريضة الله أو لله؟ ذكر صاحب التلخيص أن ذلك لا بدّ منه، وبه تتميز العبادة عن العادة. ومن أصحابنا من ساعده على اشتراط ذلك، ومنهم من رأى ذلك مستحباً؛ من جهة أن العبادات لا تكون إلا لله، فذِكْرُها يغني عن إضافتها.
٧٨١ - ومما يتعلق بكيفية النيّة: تمييز الأداء عن القضاء، وهذا أصل متفق عليه؛ والسبب فيه أن التعيين إنما يجب للتمييز، وللعبادات رُتب ودرجاتٌ عند الله، فليجرِّد العابد قصدَه في كل عبادة معينة؛ ليتحقق تقرّبه بالعبادة المخصوصة. وإذا كان التعيين لهذا، فرُتْبة إقامةِ الفرض في وقته تخالف رتبةَ تدارك الفائت، فلا بد من التعرض للتمييز. ثم قال قائلون من أئمتنا: ينبغي أن يجري ذكر فريضة الوقت، وبهذا يقع التمييز.
وكان شيخي يحكي عن القفال أنه يكفي أن يذكر الأداء. ومن اعتقد مثل هذا في